Bloom Gate -بوابة بلوم
Herms2024

توقعات قاتمة وأرقام سلبية.. هل تسير الاقتصادات الكبرى في العالم نحو الركود؟

كتب- محمد عوض:

تُظهر الاقتصادات الرئيسية في العالم اتجاهات ركود متنامية تحت تأثير الاضطراب الناجم عن التضخم، ورفع أسعار الفائدة، وتبعات فيروس كورونا، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

أميركا.. أكبر اقتصاد في العالم

شهدت الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم فصلين متتاليين من النمو السلبي، مع وجود مؤشرات على مزيد من الانكماش في الوقت الذي يتأثر فيه الإنفاق الاستهلاكي بارتفاع أسعار المواد الأساسية.

ينعكس تأثير كوفيد في بيانات التوظيف وسوق العمل، حيث إن القوة العاملة في الولايات المتحدة أصغر بـ 600 ألف، مما كانت عليه في بداية الوباء في عام 2020.

ولكن كما قالت صحيفة، ذا وول ستريت جورنال إن التناقص أقل بعدة ملايين إذا افترضنا تعديل الزيادة الحادثة في عدد السكان، حيث انخفض عدد العمال بمقدار 400 ألف عامل منذ مارس.

وبلغت النسبة 62.1 %في يوليو انخفاضا من 62.4 %في مارس.
وكانت النسبة قبل ظهور الوباء 63.4 %.

كما انعكس التراجع الذي لحق بالاقتصاد الأميركي في بيانات الناتج المحلي.
وفقًا لتوقعات مكتب الميزانية في الكونجرس، كان الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني أقل بنسبة 2% مما كان متوقعًا في يناير 2020.
كما أن التوظيف أقل بنسبة 2%مما كان متوقعا بخسارة حوالي 3 ملايين وظيفة.

في الوقت نفسه، يبلغ معدل التضخم الآن ما بين 8 %و 9 % ، مع زيادة في أسعار المواد الغذائية ومستلزمات البقالة الأساسية بأكثر من 13 % خلال العام الماضي.

ورغم ارتفاع الأجور، فقد تراجعت قيمة زيادتها أمام معدل التضخم، مما يعني بالقيمة الحقيقية أن هناك انخفاضًا بنسبة 3.6 %في أجر العامل العادي.
وهذا يعني أن هناك ضغطًا هبوطيًا على الإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل ما يصل إلى 70 % من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

الصين .. ثاني أكبر اقتصاد في العالم

تعاني الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من تراجع كبير في النمو.
نما الاقتصاد بنسبة 0.4% فقط في الربع الثاني ، وبالكاد نجا من الانكماش التام ، ويبدو أن التوقعات تزداد سوءًا.

وقبل يوم أمس الثلاثاء، عقد رئيس مجلس الدولة الصيني “لي كه تشيانج” وهو بالمناسبة الرجل في الصين بعد الرئيس الصيني، اجتماعًا مع مسؤولين محليين من ست مقاطعات رئيسية، تمثل 40 في المائة من اقتصادها، داعيا إياهم إلى اتخاذ تدابير لتعزيز النمو بعد أن جاءت بيانات يوليو حول الاستهلاك والإنتاج الصناعي دون التوقعات.

واعتبرت الصحيفة الأميركية، إن الآفاق المتدهورة للاقتصاد الصيني هي نتيجة الوباء العالمي، الذي تكافح الحكومة الصينية لوقفه بسياسة صفر كوفيد، على عكس كل الآخرين، علاوة على الانخفاض الحاد في سوق العقارات.

جاءت مناشدة “لي” للسلطات المحلية ببذل المزيد من الجهد والوعود بأن تتخذ الحكومة المركزية إجراءات لتعزيز النمو ، في أعقاب قرار البنك المركزي الصيني، أو بنك الشعب، بخفض أسعار الفائدة متوسطة الأجل في محاولة لتحفيز الاقتصاد،إلى 2%.

يستمر قطاع العقارات، الذي يمثل أكثر من ربع الاقتصاد الصيني في التدهور.
انخفض حجم “مساحة الأرضية السكنية” ، التي بدأ البناء عليها في الفترة من أبريل إلى يونيو من هذا العام ، بمقدار النصف تقريبًا مقارنة بالعام الماضي.

تأثرت مالية الحكومة المحلية بشدة مع انخفاض الإيرادات من مبيعات الأراضي حتى الآن هذا العام بنسبة 31 في المائة، مقارنة بالأشهر الستة الأولى من العام الماضي.

أما الإنفاق الاستهلاكي فقد أصبح أعلى بشكل هامشي فقط من النصف الأول من العام الماضي بالقيمة الحقيقية ويقل بنسبة 10 %عن الاتجاه السابق للوباء.

 

ألمانيا.. رابع أكبر اقتصاد بالعالم

تقترب ألمانيا، رابع أكبر اقتصاد في العالم، من حافة الركود ، إن لم تكن بالفعل في حالة ركود.
أظهرت البيانات الصادرة في وقت سابق من هذا الأسبوع أن مبيعات التجزئة انخفضت بأسرع معدل سنوي منذ بدء تدوين السجلات بشكل دوري في عام 1994، بانخفاض 8.8 % مقارنة بالعام الماضي.
جاء ذلك في أعقاب البيانات التي أظهرت أن النمو الاقتصادي الألماني سجل ركودًا في الربع الثاني.

يتعرض الاقتصاد الألماني لتغيرات قوية جراء آثار حرب الناتو الجارية بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا مع تصاعد أسعار الغاز وانخفاض الإمدادات ، مما يؤثر على اقتصاد منطقة اليورو بأكمله.

وحول ذلك، قال كبير الاقتصاديين في جلوبال ماركت إنتيليجنس، كريس ويليامسون، لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية :”إن نشاط التصنيع في ألمانيا وأماكن أخرى يغرق في انكماش عميق على نحو متزايد، مما يزيد من مخاطر الركود في المنطقة”.

في الأسبوع الماضي ، قال كليمنس فويست ، رئيس مركز الفكر الاقتصادي الألماني إيفو :”إن القلق والضعف هو العامل المسيطر على الاقتصاد”.
وذكر فويست”إنه في فترات الانكماش السابقة ، عندما تضررت الخدمات ، تعافت الصناعة والعكس صحيح. لكننا نرى الآن ضعفًا في جميع المجالات”.

بريطانيا.. الخامسة عالميًا

لا تزال بريطانيا ، خامس أكبر اقتصاد في العالم ، تتأثر بالأحداث الاقتصادية المتفاقمة، فبالأمس، وصل معدل التضخم الرسمي في المملكة المتحدة لشهر يوليو ، إلى 10 %.
ومن المقرر أن يرتفع أكثر مع توقع بنك إنجلترا أنه سيصل إلى 13 % بحلول نهاية العام.

توقع بنك إنجلترا بالفعل أن الاقتصاد البريطاني سوف ينتقل إلى الركود مع انكماش بنسبة 2 في المائة على الأقل من الذروة إلى القاع.

من المرجح الآن أن يكون الانكماش أعلى بكثير مع استعداد البنك المركزي لتصعيد سياسة تشديد أسعار الفائدة، والتي تهدف إلى دفع الاقتصاد إلى الركود لوأد مطالب الأجور المتزايدة في جميع أنحاء بريطانيا.

من المتوقع الآن أن يقوم البنك المركزي بتنفيذ عدة زيادات بمقدار 50 نقطة أساس في سعر الفائدة الأساسي لبقية العام.
تستمر الأجور الحقيقية في الانخفاض مع أحدث البيانات التي تظهر انخفاضها بنسبة 4.1 في المائة ، وهو أكبر انخفاض منذ بدء الرقم القياسي في عام 2001.

سيؤدي انخفاض الأجور إلى تخفيضات في الإنفاق الاستهلاكي ، مما يسرع من الاندفاع نحو الركود.

اليابان.. ثالث أكبر اقتصاد في العالم

أما “النقطة المضيئة” الوحيدة ، إذا أمكن تسميتها كذلك، في هذا الوضع المتدهور عبر الاقتصادات الكبرى في العالم ، فهي اليابان ، ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

نما اقتصادها بمعدل سنوي قدره 2.2 في المائة في الربع الثاني ، مدعومًا بزيادة الإنفاق الاستهلاكي، حيث رفعت الحكومة قيود فيروس كورونا.
لكن من المرجح أن يكون الارتفاع لمرة واحدة.
في الربع الأول، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المائة فقط ، وفي آخر تحديث اقتصادي له في يوليو ، عدل صندوق النقد الدولي تقديراته للنمو الاقتصادي الياباني لعام 2022 ، من 2.4 في المائة في أبريل إلى 1.7 في المائة فقط.

ضربة قاصمة لسوق الرقائق الإلكترونية

كما نشرت بلومبرج هذا الأسبوع تقريرًا مهمًا عن الانخفاض في طلبات رقائق الكمبيوتر ، والتي كانت عامل تحريك كبير للاقتصاد الدولي، والتي تأتي من مصدري التكنولوجيا في شمال آسيا.

وذكرت بلومبيرج، أن شركتي الرقائق الكورية الجنوبية، إس كيه هاينيكس وسامسونج، قد أشارتا إلى خطط لخفض الاستثمار ،بينما تسير شركة تايوان سيمي كونديكتر مانيفاكتورينج، أكبر منتج في العالم للرقائق، في نفس الاتجاه.

تراجعت الصادرات التكنولوجية لكوريا الجنوبية في يوليو للمرة الأولى منذ عامين و “تراكمت مخزونات أشباه الموصلات في يونيو بأسرع وتيرة منذ أكثر من ست سنوات”.

وأشارت بلومبرج إلى أن الصادرات من كوريا ، التي تحتل المرتبة الثانية عشر بين أكبر الاقتصادات في العالم ، “ترتبط منذ فترة طويلة بالتجارة العالمية ، مما يعني أن تراجعها سيزيد من المتاعب للاقتصاد العالمي الذي يواجه رياحًا معاكسة من المخاطر السياسية إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض”.

واعتبر محللون إن التحول الهابط الملحوظ في الاقتصادات الرئيسية بالعالم ليس نتيجة لتحول ظرفي في عمليات التجارة والأعمال يتبعه انتعاش، بل إنه أحد جوانب أزمات متلاحقة لم تحل.

الرابط المختصر
لمتابعتنا عبر تطبيق نبض اضغط هنا
Bloom and Nabd
آخر الأخبار