Bloom Gate -بوابة بلوم
Herms2024

حرب روسيا وأوكرانيا المحتملة.. هل تتأثر حصة القمح لمصر ودول العالم؟

إيكونوميست: مصر دولة كبيرة يحرك تسعيرها ثمن القمح العالمي

ترجمة: محمد عوض

سلط تقرير لمجلة «إيكونوميست» الاقتصادية الدولية، الضوء على ملف استيراد مصر للقمح، ومدى تأثرها وباقي دول العالم بالتوترات الدولية وخاصة بين روسيا وأوكرانيا.

ولفت التقرير إلى أن مصر تعد من أكبر مشترٍ القمح في العالم، حيث تستورد أكثر من 13 مليون طن من الحبوب، وهو حجم استيراد كبير، يأتي بجواره حجم مقارب من الإنتاج المحلي للقمح.

وذكرتقرير «ايكونوميست» إن سبب الحديث عن مصر واستيراد القمح، يأتي في خضم الأزمة الأوكرانية التي تتصاعد حيثياتها بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما قد يؤثر على حصة مصر، إذا ما اندلعت الحرب بقوة.

صفقات كبيرة لشراء القمح

وتابع التقرير، أن مصر تستدعي كل بضعة أسابيع التجار إلى مبنى حكومي في القاهرة، ويُطلب من وكلاء الشركات الكبرى التي تقوم بتوريد المواد الغذائية وتخزينها وشحنها إحضار مظروف بأفضل سعر، ويتم فتح المظروف بعد ذلك، ويتم الكشف عن الأسعار للجميع، وعندها تبدأ الطريقة الجيدة في المناقصة، التي قد تستمر لساعات، وفي نهاية المطاف تعلن القاهرة عن صفقة شراء كبيرة لدرجة أن أسعار القمح العالمية تتحرك بعد الإعلان المصري، ما يقول إن دولة بحجم مصر تسعى لتطوير قدرتها على إنتاج القمح بالإضافة إلى محاصيل أخرى، مؤثرة في حركة السوق العالمي.

وفي الوقت الحالي، يهدد اضطراب محتمل في أسواق السلع هذه السلعة الأساسية، حيث تأتي الغالبية العظمى من القمح الذي تستورده مصر من روسيا وأوكرانيا.

الأسعار تصل لآعلى مستوياتها

ووصلت أسعار القمح بالفعل إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من عقد من الزمان العام الماضي.

وتم إلقاء اللوم على عدد من العوامل، بما في ذلك ارتفاع أسعار الوقود والأسمدة، وسوء الأحوال الجوية، والتراكم في الموانئ بسبب الوباء فيروس كورونا، كما لم تساعد الضريبة الروسية على الصادرات، التي تهدف إلى إبقاء المخزونات الفائضة في الداخل الروسي على خفض أسعار السلع والتي يأتي من ضمنها القمح.

وفي أحدث مناقصة في مصر، والتي عقدت في 28 يناير الماضي، دفعت الحكومة 350 دولارًا للطن، أي أكثر من 100 دولار عما كانت قد وضعته في الميزانية. وبهذا السعر ستدفع مصر 1.5 مليار دولار إضافية «0.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي» هذا العام للقمح.

وبالنظر إلى الماضي قبل سنوات، فعندما أخذت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، ارتفعت أسعار القمح، وأصبحت أوكرانيا منذ ذلك الحين قوة في مجال إنتاج الحبوب، حيث نمت مبيعات القمح في العام الماضي بنسبة 28٪ ، مما يجعلها رابع أكبر مصدر للقمح فيي العالم، لكن تأتي روسيا أولاً، وهما يشكلان معًا 30٪ من صادرات القمح العالمية، أي ضعف نصيبهم في عام 2014.

وعلى هذا الأساس تحدثت منصات صحفية دولية، عن البدائل التي قد تكون متاحة أمام مصر والدول العربية الأخرى إذا ما اندلعت الحرب، خاصة وإن أوكرانيا من ضمن أهم موردي القمح إلى مصر، بالإضافة إلى روسيا، لكن تأثر أوكرانيا كبير في حال غزوها من قبل موسكو، حيث سيترك المزارعون حقولهم وأماكنهم فرارًا بحياتهم من الموت تحت أوبلة النيران.

دعم الحكومة للخبز

وقالت «إيكونوميست»، إن الحكومة تستخدم القمح في صناعة الخبز المدعوم الذي تعتمد عليه الكثير من العائلات، ولهذا، فالحكومة المصرية تسعى لأن تحقق المعادلة فيما يخص ثمن رغيف الخبز، دون الإضرار بملايين المصريين.

وبحسب المنصة الدولية، فإن مصر تقدم سلعة رخيصة لمواطنيها- يباع الرغيف المُدعم بـ 0.05 من الجنيه المصري، أو ثلث فلس واحد، وهو جزء يسير مما يتكلفه صنعه-، وهي أكبر مشترٍ للقمح في العالم، وهو مايشير إلى حجم الدعم الحكومي لهذه السلعة.

وذكرت منصة «آرجيو» الدولية، إن المواجهة الروسية المحتملة مع القوات الأوكرانية سيكون لها تداعيات على العالم بأسره ، مع احتمال حدوث اضطراب كبير في إمدادات السلع الأساسية ، من الغاز إلى القمح ، وهو أمر يلوح في الأفق بشكل كبير.

الأزمة تهدد دول شمال إفريقيا

في شمال إفريقيا، تهدد الأزمة إمدادات الحبوب لدول المنطقة، خاصة وأن جميع الدول العربية بالشمال الإفريقي تقريبًا تعتمد اعتمادًا كبيرًا على واردات الحبوب من الخارج.

ويضم شمال إفريقيا إلى حد بعيد أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تنتج دول مصر والجزائر وتونس وليبيا أقل من نصف كمية الحبوب – وخاصة القمح – التي يستهلكها سكانها كل عام.

تأتي واردات هذه البلدان من الحبوب من مجموعة واسعة من الموردين، لكن  يأتي على رأس القائمة: أوكرانيا والاتحاد الروسي، كما أسلفت وأشارت مجلة ذا إيكونوميست.

ويكمن الخطر في إن المناطق الشرقية من أوكرانيا ، هي الأكثر عرضة لهجوم روسي محتمل ، حيث تحتوي على أراضيها الزراعية الأكثر إنتاجية.

بين يوليو من العام الماضي ونهاية يناير من هذا العام، صدرت روسيا أيضًا ملايين الأطنان من القمح إلى دول شمال إفريقيا، وإذا اندلعت الحرب، فمن المؤكد أن صادرات القمح الأوكراني ثم الروسي ستتأثر سلبًا ، خاصة إذا استمر الصراع لفترة طويلة، لذا يكمن الأمل في ألا تندلع حرب من الأساس، وإذا اندلعت فمن المهم ألا تستمر.

وفي الوقت نفسه، من المتوقع أيضًا أن تؤدي مستويات الجفاف الشديدة في معظم شمال إفريقيا ، بما في ذلك تونس والجزائر والمغرب ، إلى زيادة واردات الحبوب.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستمر فيه اقتصادات دول المنطقة في التعثر من آثار جائحة كوفيد -19.

زيادة الإنتاج المحلي

وقال مختصون إن مصر تعمل جاهدة لزيادة إنتاجها من القمح، وهي تريد أن تعوض أي ما تستورده بإنتاج محلي.. وأدت الأهمية الاستراتيجية لقطاع القمح إلى مشاركة قوية للدولة على جميع مستويات سلسلة انتاج القمح، حيث يمثل القمح ما يقرب من 10 في المائة من القيمة الإجمالية للإنتاج الزراعي وحوالي 20 في المائة من جميع الواردات الزراعية.. وللدلالة على ذلك، فقد كان من المتوقع أن ينتج المزارعون في مصر 9.2 مليون طن من القمح العام الماضي، لكن الحصاد تجاوز التوقعات، ومن المتوقع أن ينتج محصول القمح هذا العام 10.5 مليون طن.

ويكمن جزء من السبب وراء الحصاد الوفير في البذور المقاومة، لكن سببًا آخر وراء الزيادة وهو في حقيقة أن 1.2 مليون فدان، أو حوالي 30 في المائة ، من القمح المزروع محليًا يُزرع في المدرجات الزراعية، وهو نظام يحمي الحصاد من العواصف ويقلل من استهلاك المياه والأسمدة بنسبة 25٪.

وبحسب محللين، فإنه تكمن هناك بدائل للقمح، من خلال الاستيراد من البرازيل والأرجنتين، علاوة على أوروبا والبحر الأسود، وتزيد بالفعل كلا من الأرجنتين والبرازيل من حجم انتاجهما من القمح، لزيادة صادرتهما منه.

في تونس أيضًا، من المرجح أن تتفاقم المشاكل الاقتصادية بسبب التوترات المتزايدة بين روسيا وخصومها، حيث تعتمد تونس بشكل كبير على واردات الحبوب من دول أخرى.

3.7 مليون طن حجم الورادات بالعام الجاري

ومن المتوقع أن تصل واردات الحبوب في البلاد في العام 2021-22 إلى مستوى متوسط يبلغ 3.7 مليون طن، على غرار العام السابق، ويشكل القمح ما يقرب من نصف إجمالي واردات الحبوب في تونس، ولهذا هناك قلق في تونس من تفاقم الأزمة بين البلدين.

وقال متخصصون تونسيون إن الأزمة ستؤثر سلبا على إمدادات الحبوب لبلدهم.

كما واعتبر المختصون إن الأزمة الأوكرانية، تمثل توقيت سيء في الجزائر، حيث إن الجزائر، تعتمد بشدة على واردات الحبوب من دول أخرى.

وتسببت الأمطار غير الكافية العام الماضي في انخفاض مذهل بنسبة 40 في المائة  في إنتاج الجزائر من الحبوب، بما في ذلك القمح، مما يعني أنه كان على السلطات الجزائرية تعويض النقص من خلال زيادة الواردات.

في نفس العام، أنتجت الجزائر 3.9 مليون طن من الحبوب ، بينما استوردت 7 ملايين طن .

بعد أن اعتمدت في السابق على القمح الأوروبي، استوردت الجزائر من روسيا العام الماضي لأول مرة منذ خمس سنوات، بسبب تغييرات في مواصفات استيرادها.

من المتوقع أن ترتفع واردات الجزائر من القمح إلى ثمانية ملايين طن هذا العام، حتى في الوقت الذي تكافح فيه البلاد لتقليل الاعتماد على الواردات، بما في ذلك عن طريق استصلاح الأراضي في الصحراء.

الرابط المختصر
لمتابعتنا عبر تطبيق نبض اضغط هنا
Bloom and Nabd
آخر الأخبار