Bloom Gate -بوابة بلوم
Herms2024

ماذا تقول توقعات صندوق النقد الدولي خلال عامين؟

الآفاق مظلمة بشكل كبير منذ أبريل مع ارتفاع التضخم وشبح الركود

كتب- محمد عوض:

دفع التضخم المتزايد والتباطؤ الحاد في الولايات المتحدة والصين صندوق النقد الدولي أمس الثلاثاء إلى خفض توقعاته للاقتصاد العالمي خلال عامين، هذا العام والعام المقبل، مع إعطاء تقييم أكثر حدة لما هو قادم، وفق ما ذكرت صحيفة دايلي تليجراف.

ذكرت الصحيفة إن الصندق شخص الأمراض التي يعاني منها الاقتصاد العالمي، والتي تهدد بالفعل حياة الناس وسبل عيشهم الكريم، وتهوي بالملايين إلى براثن الفقر والعوز والجوع، وهذا بفعل أسباب اقتصادية، لها خلفية سياسية كالحرب في أوكرانيا، التي أوصلت العالم، إلى وضع بائس اليوم.

بدأ كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي “بيير أوليفييه جورينشاس”، كلامه بمكاشفة العالم، بالقول :إن “الآفاق مظلمة بشكل كبير منذ أبريل،  العالم يتأرجح قريبًا من حافة الركود، بعد عامين فقط من الركود الأخير(بسبب الوباء كورونا)”.

في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي، خفض صندوق النقد الدولي تقديرات الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2022 إلى 3.2٪، أي أقل بأربعة أعشار نقطة من توقعات أبريل، ونحو نصف المعدل المسجل العام الماضي.

الأخبار السيئة

ولمن لا يعلم، فالركود أسوأ من التضخم، وإذا كان الاثنان متوازيان مع بعضهما فالوضع لابد وأن يكون أسوأ وأسوأ.

وذكر صندوق النقد الدولي: “أصابت عدة صدمات الاقتصاد العالمي الذي ضعُف بالفعل بسبب الوباء، وزاد ضعفه مع الحرب في أوكرانيا، والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء والطاقة، مما دفع البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد”.

لكن الأخبار السيئة قد لا تتوقف عند هذا الحد، حيث حذر صندوق النقد الدولي، قائلاً إن “المخاطر التي تهدد التوقعات تميل بشكل كبير إلى الاتجاه الهبوطي، وإذا تحققت فقد تدفع الاقتصاد العالمي إلى أحد أسوأ التراجعات في نصف قرن “.

في تحذير ينذر بالسوء، قال تقرير آفاق الاقتصاد العالمي إن “مثل هذه الصدمات يمكن، إذا كانت شديدة بما فيه الكفاية، أن تتسبب في مزيج من الركود المصحوب بالتضخم.

ورأت الصحيفة إن الصندوق كان جريئًا عندما قال “إن الأولوية القصوى لصناع السياسات هي الحد من ارتفاع الأسعار، حتى لو كان ذلك يعني معاناة مواطنيهم، لأن الضرر الناجم عن التضخم الخارج عن السيطرة سيكون أسوأ بكثير”، مشيرًا إلى إن “السياسة النقدية الأكثر تشددا سيكون لها حتما تكاليف اقتصادية حقيقية، لكن تأخيرها لن يؤدي إلا إلى تفاقم المصاعب”.

 

تباطؤ النمو بالولايات المتحدة والصين

خفض صندوق النقد الدولي توقعات النمو لمعظم البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين، وخفض أكثر من نقطة واحدة عن التوقعات السابقة.

قال جورينشاس إن الولايات المتحدة  تمشي في “مسار ضيق” لمحاولة تجنب الانكماش، فحتى “صدمة صغيرة” يمكن أن تدفع الاقتصاد إلى الركود.

وذكر التقرير “التباطؤ في الصين له عواقب عالمية: حيث زاد الإغلاق من اضطرابات سلسلة التوريد العالمية وتراجع الإنفاق المحلي يقلل من الطلب على السلع والخدمات من شركاء الصين التجاريين”.

 

التضخم العالمي

تم تعديل معدل التضخم العالمي بالزيادة بسبب أسعار الغذاء والطاقة، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.6 في المائة في الاقتصادات المتقدمة و 9.5 في المائة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية هذا العام، وذلك في  تعديلات تصاعدية.

في الولايات المتحدة، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في يونيو بنسبة 9.1 في المائة مقارنة بالعام الماضي، مسجلاً أعلى مستوى له في أربعة عقود ، وفقًا لمكتب إحصاءات العمل بوزارة العمل.

تجاوز مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي 8 في المائة منذ مارس من هذا العام.

وذكرت دايلي تليجراف إن “التضخم أعلى من المتوقع في جميع أنحاء العالم” – لا سيما في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الكبرى، وهو الأمر الذي يقول بتشديد الأوضاع المالية، ويشير إلى المزيد من التداعيات السلبية لأزمة أوكرانيا.

السيناريو المتشائم وضائقة الديون

وأشار جورينشاس إلى أن المخاطر التي تهدد التوقعات العالمية “تميل بشكل كبير إلى الاتجاه الهبوطي.لنكون أكثر تحديدًا، يمكن أن تؤدي أزمة أوكرانيا إلى توقف مفاجئ لواردات الغاز من روسيا، ويمكن أن يظل التضخم مرتفعًا إذا ظلت أسواق العمل ضيقة أو إذا كانت توقعات التضخم غير ثابتة، أو ثبت أن التضخم أكثر تكلفة مما كان متوقعًا، و قد تؤدي الظروف المالية العالمية إلى زيادة ضائقة الديون في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية”.

أما السيناريو البديل المعقول، فيقول بإمكانية أن تتحقق بعض هذه المخاطر، من ارتفاع التضخم وتباطأ النمو العالمي أكثر إلى حوالي 2.6 في المائة هذا العام و 2 في المائة العام المقبل 2023، ما يقول إن وتيرة ذلك النمو انخفض إلى أقل من خمس مرات فقط منذ عام 1970.

وصرح جورينشاس لوكالة أنباء “شينخوا” الصينية :”ستضعنا هذه الظروف نوعا ما في أسفل منحى النمو، فليس بالضرورة أن يدخل العالم أو بعض دوله في الركود، لكن الأوضاع الدولية ستظل قريبة منه”.

وذكر: “سيكون هناك قدر كبير من الألم في الاقتصاد العالمي” ، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك تباطؤ في نمو الدخل لكثير من الناس ، وقد تزداد البطالة في عدد من البلدان.

في ظل هذا السيناريو ، ستشهد كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو نموًا يقارب الصفر العام المقبل، “مع تأثيرات سلبية على بقية العالم” ، وفقًا لتحديث تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.

من جانبها، قالت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحفي حول المشاورات السنوية للمادة الرابعة لمراجعة الاقتصاد الأميركي في أواخر يونيو ، بالنسبة للولايات المتحدة ، هناك مسار ضيق لتجنب الركود.

يقدر صندوق النقد الدولي أنه في الربع الأخير من عام 2023، سينمو الاقتصاد الأميريكي بنسبة 0.6 في المائة فقط عن الربع الأخير من عام 2022.

وفي إشارة إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر اقتصاد بالعالم، قال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي إن التباطؤ الكبير في النشاط الاقتصادي الأميركي سيكون له “تداعيات” على بقية العالم.

وذكرت شينخوا، إنه من كلام كبير الاقتصاديين، فسيكون أولاً، هناك طلب ونشاط اقتصادي منخفض على المستوى العالمي، مما سيؤثر على البلدان التي تعتمد كثيرًا على قطاع التصدير لتحقيق النمو.

ثانيًا، يؤدي التشديد المالي في الولايات المتحدة والبنوك المركزية الأخرى أيضًا إلى ارتفاع كبير في قيمة الدولار الأميركي مقابل عملات الأسواق الناشئة، مما يزيد من ضغوط التضخم في هذه البلدان.

ثالثًا، هناك اتجاه عام من قبل المستثمرين للابتعاد عن اقتصادات الأسواق الناشئة والبحث عن ملاذات آمنة، والاستثمار في سندات الخزانة الأميركية أو غيرها من الأصول الآمنة، حيث إن تدفقات رأسمالية “مستمرة” تتحرك للخارج.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي

نظرًا لدورها المهم في النظام المالي العالمي، يمكن أن يكون لرفع أسعار الفائدة الأميركية من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي آثار غير مباشرة على الأسواق الناشئة، بعدما رفع بالفعل أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس منذ مارس من هذا العام.

وحول ذللك، علق ديزموند لاكمان، الزميل والباحث في معهد أميركان إنتربرايز والمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي، لشينخوا  “أن أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة تتسبب بالفعل في تدفق كبير لرأس المال من الأسواق الناشئة بنفس الطريقة التي فعلوا بها في المناسبات السابقة”.

وذكر لاكمان “يتسبب هذا في تراجع عملات الأسواق الناشئة ويزيد الآن احتمالات موجة كبيرة من التخلف عن سداد الديون في اقتصادات الأسواق الناشئة المثقلة بالديون”.

 

الرابط المختصر
لمتابعتنا عبر تطبيق نبض اضغط هنا
Bloom and Nabd
آخر الأخبار