Bloom Gate -بوابة بلوم
Herms2024

أوروبا تواجه نقص إمدادات الغاز الروسي بخطة لخفض الاستهلاك

إعلان جازبروم يخفض الآمال الاقتصادية لدول الاتحاد بعد صفقة الحبوب الأوكرانية

كتب- محمد عوض:

توصلت دول الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن تنظيم عمل تخفيضات لإمدادت الغاز الطارئة قبل الشتاء المقبل، حيث من المتوقع أن يواجه الاتحاد أشهر عدة من الاضطراب وسط تخفيضات محتملة في إمدادات الطاقة من روسيا، وفق ما ذكرت شبكة سي إن بي سي الأميركية.

ويعني التوصل إلى عملية لتقنين استخدام الغاز، إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستكون ملزمة في حالة الطوارئ، بالتخفيض لكنها ستعفي في البداية بعض الدول وبعض الصناعات.

ووجهت روسيا ضربة جديدة للدول الأوروبية بسبب دعمها لأوكرانيا يوم أمس الاثنين قائلة إنها ستقطع إمدادات الغاز بشكل أكبر من خلال أكبر وصلة غاز لها مع ألماني.

جاءت هذه الخطوة، مع استعداد أولي للسفن لتصدير الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود بموجب اتفاق تم الاتفاق عليه الأسبوع الماضي، و يمكن  من خلاله أن تبحر  السفن في غضون أيام، مما يجلب قدرًا من الأمل للدول التي تعتمد على مثل هذه الإمدادات الغذائية على الرغم من أن الوضع لا يزال يخيم عليه انعدام الثقة والإمكانيات.

ووفق ما ذكر تحليل لوكالة رويترز، فقد أظهر كلا التطورين كيف أن الصراع الذي دخل شهره السادس الآن وبدون حل في الأفق، له تأثير اقتصادي بعيدًا عن ساحات القتال في أوكرانيا.

العقوبات على روسيا

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب في وقت سابق من هذا الشهر من أن العقوبات المفروضة على بلاده بسبب غزوها لأوكرانيا قد تؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة للمستهلكين في جميع أنحاء العالم.

وقالت شركة الطاقة الروسية العملاقة جازبروم (GAZP.MM) ، يوم أمس الاثنين ، إنها تعمل بموجب تعليمات هيئة مراقبة الصناعة ، وإن التدفقات عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 ستنخفض إلى 33 مليون متر مكعب يوميًا اعتبارًا من يوم غدٍ الأربعاء، ما يعني قطع نصف التدفقات الحالية  عن أوروبا، والتي تبلغ بالفعل 40٪ فقط من السعة العادية.

قبل الحرب، كانت أوروبا تستورد حوالي 40٪ من غازها و 30٪ من نفطها من روسيا.

ويقول الكرملين إن انقطاع الغاز ناتج عن قضايا صيانة بسبب العقوبات الغربية ، بينما اتهم الاتحاد الأوروبي روسيا باللجوء إلى عملية ابتزاز  من خلال الطاقة.

وقالت ألمانيا إنها لا ترى أي سبب فني للتخفيض الأخير.

وذكر السياسيون في أوروبا مرارًا إن روسيا قد توقف الغاز هذا الشتاء، وهي خطوة من شأنها أن تدفع ألمانيا إلى الركود وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين الذين يواجهون بالفعل تكاليف طاقة مرتفعة.

وقال الكرملين إن موسكو ليست مهتمة بوقف كامل لإمدادات الغاز إلى أوروبا.

ويعد ارتفاع أسعار الطاقة ونقص القمح العالمي من بين الآثار بعيدة المدى للغزو الروسي لأوكرانيا، حيث يهدد ذلك الملايين في البلدان الفقيرة، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط، ويعرضهم لنوبات الجوع.

من جانبها، قالت مجلة فورين بولسي الأميركية الشهيرة، إن الأمر لا يتعلق فقط بأوروبا والولايات المتحدة فالأسعار ترتفع في جميع أنحاء العالم.

ففي الوقت الذي تلعب فيه روسيا دورًا صعبًا  بإمدادات الغاز في أوروبا، فإن القارة تنظر في مستقبلها المقلق  من أمر الطاقة، وهي ليست وحدها.

لأشهر ، تسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والنفط في إحداث فوضى في جميع  العالم، وهو ما دعا الخبراء لأن يحذروا من أنه لا توجد نهاية تلوح في الأفق طالما استمرت الحرب في أوكرانيا.

فمن الإكوادور إلى جنوب إفريقيا ، أدى نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي إلى إغراق البلدان المعتمدة على الاستيراد من روسيا، ومن غيرها في اضطراب اقتصادي، مما ترك الحكومات في حالة تدافع يائس من أجل الوصول لحلول بديلة.

في سريلانكا، التي رحلت عنها حكومتها وتشهد اضطرابات شديدة، أجبر النقص الحاد والطوابير  التي اصطفت على شراء السلع، السلطات على إصدار أوامر بالعمل من المنازل.

ولجأت باكستان إلى تقصير  مدة أيام العمل لتخفيف الضغط الناجم عن شبكات الكهرباء، في حين هزت بنما مظاهرات احتجاجا على ارتفاع الأسعار.

وعلق  جيسون بوردوف ، خبير الطاقة في جامعة كولومبيا “إننا نشهد أول أزمة طاقة عالمية” ، مشيرًا إلى أن الأزمة قد أصابت جميع مناطق العالم تقريبًا ومصادر الطاقة.

وذكر بوردوف “تظهر الآثار المتتالية على مستوى العالم، ولا أعتقد أننا رأينا أسوأ ما في الأمر حتى الآن”.

وتشهد الأسواق حالة من الضغوط والضيق بسبب نقص المعروض من الإمدادت حتى من قبل الحرب الأوكرانية، وزادت  كثيرًا  بعد حرب روسيا وأوكرانيا.

وقبل الحرب، أدى الوباء وتباطؤ سلاسل التوريد والصدمات المناخية إلى حالات الإرتفاع بالأسعار والتراجع الاقتصادي،  وضاعف ذلك من تقلص صادرات الغاز الروسي، الأمر الذي أجبر أوروبا على اللجوء إلى دول أخرى للحصول على إمداداتها، وزاد من ارتفاع الأسعار في السوق العالمية. في المرحلةا لراهنة، ونظرًا لأن الحرارة الشديدة الناتجة عن تغير المناخ تضيف المزيد من الوقود علىى النار ، فقد تعمقت هذه التحديات.

كانت آخر مرة شهد فيها العالم أزمة طاقة كارثية – وإن كان ذلك بسبب النفط فقط – في سبعينيات القرن الماضي ، وفرضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حظراً أدى إلى حدوث صدمة في صناعة النفط.

قال أنطوان هالف، الخبير في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، إن العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان المثقلة بالديون ليس لديها نفس الحماية والاستعداد للأزمات مثل الدول المتقدمة، مما يجعلها معرضة بشكل خاص لأي اضطرابات.

على سبيل المثال باكستان ، التي تكافح للتعامل مع انقطاع التيار الكهربائي ، أو الإكوادور ، حيث أدت الاحتجاجات   إلى ارتفاع أسعار الوقود وتكاليفه إلى توقف البلاد تقريبًا في يونيو.

في الأسابيع الأخيرة ، شهدت كل من غانا والكاميرون احتجاجات على أسعار الوقود ونقص الوقود.

وكذلك الأمر مع الأرجنتين وبيرو ، حيث أدى ارتفاع تكاليف الطاقة إلى إضرابات ومظاهرات.

وذكرت المجلة إن بعض البلدان العالم تقبع في  الظلام بالفعل، فذلك يحدث في جنوب إفريقيا، وكذلك الأمر بالنسبة لكوبا، التي تعاني بالفعل من انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.

استخدام الفحم

لتجنب مواجهة نفس المصير ، عادت الدول الأخرى إلى استخدام الفحم، مع تفاقم أزمة الطاقة في مايو ، تعهدت الهند بإعادة تشغيل مناجم الفحم وزيادة الإنتاج، في يونيو ، وصلت واردات الهند من الفحم إلى مستويات قياسية.

وقد حذر وزير الطاقة الهندي راج كومار سينج  هذا الشهر  من أن البلاد قد تستمر على هذا النهج  على المدى الطويل.

وقالت هيليما كروفت ، خبيرة الطاقة في  آر بي سي كابيتال ماركيتس :” إن هذه الاضطرابات هي جزء من صورة أكبر لكيفية تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على أسواق السلع الأساسية وتقويض الاقتصاد العالمي. بالإضافة إلى الطاقة، يمثل البلدان أيضًا نسبة كبيرة من صادرات القمح العالمية والمدخلات الرئيسية لإنتاج الأسمدة ، وكلاهما تم خنقهما خلال الحرب”.

وأردفت كروفت: “هذه ليست مجرد قصة نفطية أو قصة غاز ،هذه قصة عن المنتجات الزراعية الرئيسية ، أزمة غذاء عالمية محتملة”.

مع انخفاض الإمدادات الروسية إلى الدول الأوروبية،  تحركت كل من الصين والهند لابتلاع مخزونها الأرخص ، حيث أصبحت موسكو الآن أكبر مورد لبكين، لكن استهلاكهما المرتفع لا يعني أن الصين والهند نفسيهما لا يواجهان أيضًا خسائر اقتصادية نتيجة للأزمة ، فحتى مع التخفيضات الروسية ، يدفع كلاهما أسعارًا باهظة لوارداتهما الأخرى من الطاقة.

ويقول الخبراء إن مستقبل الأزمة متشابك بشدة مع مدة الحرب الروسية الأوكرانية ، والتي لا تظهر أي بوادر للتوقف، وهو ما يقول إن الأزمات ستستمر ما دامت هذه الحرب مستمرة.

الرابط المختصر
لمتابعتنا عبر تطبيق نبض اضغط هنا
Bloom and Nabd
آخر الأخبار