أوروبا تستعد لشتاء قارس.. أزمة إمدادات الغاز الروسي تصيب القارة العجوز بالشلل

كتب- محمد عوض:

في آخر اجتماع مقرر للمفوضين الأوروبيين قبل العطلة الصيفية، سيحاول المختصون في بروكسل عمل أقصى مايكون في عام 2022، لفرض تقنين إلزامي على استخدامات الغاز الطبيعي على دول الاتحاد البالغ عددها 27 دولة، وذلك تحسبًا للأسوأ، أو ما يسمى اقتصاد الحرب، الذي قد تدخل أوروبا في دائرته إذا ما ازدادت الأمور تعقيدًا، وفق ما ذكرت صحيف بوليتيكو الأميركية.

مع ارتفاع حرارة الطقس من البرتغال إلى بولندا وموت الناس من الحرارة غير المسبوقة والتي حطمت الأرقام القياسية، يُطلب من حكومات هذه الدول التوقيع على حق الاحتفاظ السيادي بالطاقة في غضون ستة أيام، وذلك من خلال استخدام بروتوكول الطوارئ، ما يعني أنه لن يكون بإمكان أي دولة استخدام حق النقض ضد الخطة ولن يكون للبرلمان الأوروبي رأي.

تُظهر مثل هذه الخطوات غير العادية مدى قرب الدول الأوروبية من الحافة، وذلك نتيجة لدعمهم أوكرانيا ضد القوات الروسية.

 مع ارتفاع معدلات التضخم في جميع دول الاتحاد، مدفوعًا جزئيًا باضطراب السوق الناجم عن الحرب، من المقرر أن تختبر معركة الاتحاد الأوروبي مع روسيا بشأن الغاز عزيمة الاتحاد إلى أقصى حد، وتحل ضربة اقتصادية.

توضح الوثائق التي حصلت عليها صحيفة بوليتيكو، محاولة الاتحاد تبني آلية من شأنها أن تسمح لبروكسل بإصدار قرار بتخفيضات إلزامية في استهلاك الغاز من أغسطس إلى مايو. ويمكن أن “تبدأ التخفيضات في أي لحظة” إذا بدا أن إمدادات الغاز لن تكون متاحة لكل دول الاتحاد خلال فصل الشتاء.

خفض استخدام الغاز

سيتعين على الدول أيضًا وضع خطط للطوارئ مع إجراءات لخفض استخدام الغاز بحلول نهاية سبتمبر.

لا يوجد رقم محدد حتى الآن لحجم التخفيضات في استهلاك الغاز التي يمكن فرضها. لكن وفقًا لدبلوماسيين، قد يتم عمل تخفيض بنسبة تتراوح بين 5 و 20 في المائة ، مع توقع التوصل إلى اتفاق نهائي في حدود 10 إلى 15 في المائة.

بحلول 26 يوليو، حيث من المتوقع أن يوافق وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي على القواعد الجديدة ، يمكن للأوروبيين أن يستيقظوا ليجدوا أنفسهم ممنوعين من تشغيل مكيفات الهواء بشكل عشوائي أو مواقدتدفئة الغاز، مع انخفاض درجات الحرارة في الأشهر المقبلة، وهذا يعني إن صناعات مثل السيراميك والزجاج والكيماويات، علاوة على المخابز يمكن أن يتم تخسر، والحل المؤقت هو بالدفع لها لإنهاء استخدام الطاقة بشكل ، والاستعانة ببدائل أو الوقوف في الطابور الخاص بخفض التشغيل وأخذ دور للحصول على الغاز.

بعد خمسة أشهر من غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واسع النطاق لجارته الشرقية، من المتوقع أن تدخل أوروبا في نمط اقتصاد الحرب – بكل عواقبه – على أوروبا.

في محاولة لإحباط تقدم جيوش بوتين، سعت بروكسل إلى حرمان الكرملين من عائدات بمليارات الدولارات من مبيعات الغاز الطبيعي من خلال خفض استهلاك الغاز الروسي طواعية في الاتحاد الأوروبي بمقدار الثلثين هذا العام.

لم يفلح ذلك، وأوضحت دول الاتحاد الأوروبي أنها لم تكن على استعداد لفرض عقوبات على الغاز ، حتى مع بدء الحظر النفطي في ديسمبر المقبل.

من المحتمل أن يكون الوقت قد فات الآن، حيث تُظهر البيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية (IEA) أنه منذ الغزو، كسبت موسكو بالفعل ثلاثة أضعاف ما تفعله عادةً من مبيعات النفط والغاز في شتاء واحد، مما يعني أنها تستطيع الاستمرار في قطع الإمدادات غربًا إلى أوروبا.

وحتى الآن، قامت شركة غازبروم الروسية بتخفيض أو قطع إمدادات الغاز في 12 دولة. وتعمل بروكسل الآن جاهدة لاستعادة السيطرة عن طريق إبطاء استهلاك مخزونات تخزين الغاز في أوروبا طالما أمكن ذلك.

مع فشل جهود القادة للبحث عن إمدادات بديلة من الشرق الأوسط إلى حد كبير تكفي الجميع، بدأت محطات الفحم تعمل مرة أخرى في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي ، وتتحول المصانع إلى حرق زيت الوقود ، ويجري العمل على تعليق سياسة المناخ بشأن التحكم في الانبعاثات.

ومن المقرر، أن يستأنف خط أنابيب الغاز نورد ستريم الذي يربط بين روسيا وألمانيا، يوم غد الخميس عمليات الضخ جزئيًا بعد توقف دام 10 أيام.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مفوض الميزانية الأوروبي يوهانس هان قوله للصحفيين “إننا نعمل على افتراض أن الامدادت لن تعود إلى العمل” .. وإذا حدث ذلك، فإن التوقعات على المدى الطويل ستكون رهيبة.

تشير تقديرات المفوضية إلى انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا إذا توقفت موسكو عن توصيل الغاز الطبيعي.

ومع ذلك، فإن بعض أصحاب الأصوات المرتفعة التي دعت إلى معاقبة روسيا بعقوبات باتوا الآن يصرخون على خطة المفوضية الأخيرة، فخطة ربط الأحزمة لاتسير على هوى ألمانيا ولا تحظى بشعبية في أجزاء من أوروبا الشرقية.