Bloom Gate -بوابة بلوم
Herms2024

شل وتوتال إنرجيز توقعان اتفاق توريد غاز طبيعي مسال من قطر لمدة 27 عاما

وقَّعت شركة شل اتفاقاً مع توتال إنرجيز مدته 27 عاماً لشراء الغاز الطبيعي المسال من قطر لصالح لهولندا، بعد يومين من إعلان الاتحاد الأوروبي أنه سيضغط من أجل التخلص التدريجي من معظم أنواع الوقود الأحفوري على مستوى العالم قبل 2050.

هذه ليست صفقة شل هي الأولى التي تمتد لعقود لإمداد الكتلة بالوقود الملوث بعد الموعد النهائي المستهدف، ففي الأسبوع قبل الماضي وقَّعت “توتال إنرجيز” الفرنسية عقداً مماثلاً. ويسلط الاتفاقان الضوء على التحدي المتمثل في التوفيق بين طموح الاتحاد الأوروبي للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050، وحاجته إلى ضمان أمن الطاقة بعد الأزمة التاريخية التي حدثت العام الماضي.

أوروبا تسعى لاستبدال الغاز الروسي

قال كريستيان إيغنهوفر، كبير الباحثين في مركز دراسات السياسة الأوروبية تعقيبا على صفقة شل: “شركات الطاقة تراهن فيما يبدو على أن أوروبا ستحتاج إلى غاز أكثر مما يتوقعه الساسة”.

وفي حين قطعت أوروبا خطوات واسعة في استبدال واردات الغاز الروسي الرخيص الذي كان يستخدم لإدارة عجلة اقتصادها-في الأغلب عن طريق شراء غاز مسال من الوقود من أماكن مثل الولايات المتحدة أو قطر-فقد ثبت أن البدء في انتقالها إلى بدائل أنظف بات أمر صعب.

أسعار الغاز تستأنف صعودها في أوروبا وسط مخاوف انتشار الصراع

أعطت الحكومات في جميع أنحاء المنطقة الأولوية لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة بعد أن أكد الغزو الروسي لأوكرانيا حاجة أوروبا إلى مصادر مستقلة للطاقة، والتي تنطوي أيضاً على أضرار أقل للبيئة.

لكن تكاليف الاقتراض المرتفعة وعدم اليقين بشأن الجدوى التجارية لبعض التقنيات أدت إلى توقف الاستثمارات، وهو ما أثار تساؤلات حيال إمكان تحقيق أوروبا الأهداف المناخية. فلدى الاتحاد الأوروبي هدف ملزم يتمثل في خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري 55% على الأقل بحلول 2030 مقارنة بمستويات عام 1990، وعدم إنتاج أي انبعاثات صافية بحلول منتصف القرن.

تقنيات إزالة الانبعاثات

وافق الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين على التخلص تدريجياً من الوقود الأحفوري “بلا هوادة”، مما يعني أن البلدان لا يمكنها حرق الفحم والغاز والنفط إلا إذا استخدمت التكنولوجيا لإزالة الانبعاثات الناتجة عنها، مثل احتجاز الكربون وتخزينه. هذه الأساليب ماتزال محدودة النطاق حالياً. وسيشكل هذا الشرط جزءاً من قدرتها التفاوضية في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) هذا العام في دبي.

قال تيم ماكفي، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لشؤون الطاقة والمناخ: “عقود توريد الغاز الطويلة الأجل بين المنتجين والمشاركين في السوق لا تجعل الاتحاد الأوروبي يعتمد على الغاز الطبيعي، لأنها لا تلزمه بالضرورة باستهلاكه محليا”.

الاتحاد الأوروبي يوافق على مشروع قانون للتوجه نحو الطاقة المتجددة

وبموجب الصفقتين الموقعتين مع شل، ستسلم “قطر للطاقة” ابتداء من 2026 ما يصل إلى 3.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً إلى محطة “غيت” (Gate) للواردات في روتردام لمدة 27 عاماً. وستتدفق الكمية نفسها إلى فرنسا، التي تراجعت عن صفقات الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل العام الماضي، عندما أحيت اتفاق التوريد مع منتج أميركي كانت قد ألغته في 2020.

“مستقبل مشرق للغاز”

وفي حين لا توجد حالياً حدود قانونية للشركات الخاصة لتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل، فإن بعض دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي يشعرون بالقلق من أن الصفقات تُظهر أن كبار المشترين يرون مستقبلاً مشرقاً للغاز رغم رهانات التكتل على مصادر الطاقة المتجددة. ويقول مراقبون آخرون إن نجاح التحول إلى الطاقة النظيفة سيشكل خطراً على الشركات المعنية.

قال ماتياس باك، مدير منطقة أوروبا في مركز أبحاث “أغورا إينرغيفنده” (Agora Energiewend) :”الاستثمارات الخاصة في صفقات الغاز الأحفوري لما بعد منتصف القرن مُعرَّضة لخطر التوقف، خاصة أن هناك العديد من التساؤلات تتعلق بمدى توفر احتجاز الكربون وتخزينه في المستقبل وكلفته”.

قطر تبحث عن مشترين للغاز مستثمرة مخاوف أوروبا بشأن الإمدادات

وفي الوقت نفسه، تسارع قطر للعثور على عملاء والاستفادة من المخاوف المتزايدة بشأن أمن الطاقة لإبرام المزيد من الصفقات الطويلة الأجل. وقد استثمرت عشرات المليارات من الدولارات لزيادة الإنتاج 64% بحلول 2027. وبينما كانت الشركات الأوروبية مترددة في بادئ الأمر تجاه إبرام صفقات طويلة الأجل، اشترت “شل” أسهما في مشروعات رئيسية للغاز الطبيعي المسال القطرية، كما أن “إيني” الإيطالية هي أيضاً من المساهمين، ولم تعلن الأخيرة بعد عن صفقة مماثلة.

ومن المحتمل أن تكون الشركات قد أبرمت اتفاقات الغاز الطبيعي في الوقت المناسب بينما يسعى الاتحاد الأوروبي بلا هوادة إلى حظر صفقات توريد الوقود الأحفوري لما بعد 2049. وتتفاوض الدول الأعضاء في الاتحاد والبرلمان الأوروبي على مشروع قانون يغطي هذه القضية، ومن المتوقع اتخاذ القرار بخصوص شكله النهائي قبل نهاية العام الجاري.

وفي المقابل، تستبعد شركات طاقة أوروبية أخرى إبرام مثل هذه الصفقات الطويلة في ضوء الأهداف المناخية للمنطقة. فشركة “يونيبر” (Uniper) الألمانية ليست مستعدة لإبرام عقود توريد تستمر حتى عام 2050، وفقاً لمتحدث باسمها.

الاستثمار في تكنولوجيا المناخ ينخفض بأكثر من 40%

يعترف صناع السياسات في الاتحاد الأوروبي بأن بعض الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة ستحتاج إلى الوقود الأحفوري لفترة أطول وسيتعين عليها الاعتماد على تقنيات إزالة الانبعاثات، لكنهم يؤكدون على ضرورة عدم استخدام هذه التقنيات لتأخير العمل المناخي في القطاعات التي تتوفر فيها البدائل الفعالة.

وثمة دلائل على أن المشترين الأوروبيين بدأوا في تبني مثل هذه البدائل، بحسب الرئيسة التنفيذية لمجموعة “وودسايد إنرجي غروب” ( Woodside Energy Group) ميغ أونيل، إذ قالت إنه على الرغم من أن عقود الغاز الطويلة الأجل لا تزال سارية، “فلا أحد يقول إنه غير مهتم بأنواع الوقود الأخرى في المستقبل”، حيث يطلب المشترون أيضاً احتجاز الهيدروجين والأمونيا والكربون وتخزينها.

مع ذلك، فإن الحاجة العاجلة لتأمين إمدادات الطاقة لا تترك للمشترين سوى مجال محدود للمناورة لأن مصادر الطاقة المتجددة ليست قادرة بعد على سد الفجوة، وفق بيتر كلارك، نائب الرئيس الأول للغاز الطبيعي المسال العالمي في “إكسون موبيل”.

وقال في منتدى معلومات الطاقة في لندن يوم الأربعاء: “أحد الدروس التي آمل أن نتعلمها من الأزمة الجيوسياسية الحالية هو أن وجود إمدادات كافية من الطاقة وأمنها لتلبية احتياجات الإمدادات أمر بالغ الأهمية. لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل، ولكن يمكننا بالتأكيد الاستعداد للأوقات الصعبة”.

الرابط المختصر
لمتابعتنا عبر تطبيق نبض اضغط هنا
Bloom and Nabd
آخر الأخبار