
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم الأحد، فعالية إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل، بحضور عددٍ كبير من الوزراء ونوابهم، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وسفراء الدول، إلى جانب عدد من رؤساء وممثلي الجهات والهيئات، وممثلي مجتمع الأعمال، وشركاء التنمية الدوليين.
وألقى الدكتور مصطفى مدبولي كلمة خلال الفعالية المُقامة في العاصمة الإدارية الجديدة، قال في مستهلها: يسعدني ويشرفني أن ألتقي بكم اليوم في بدء فعالية إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تحمل عنوانًا فرعيًا هو: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل، مشيرًا إلى التركيز على كلمتي النمو والتشغيل، حيث ينشغل العالم بأسره حاليًا بالحديث عن مستهدفات واضحة ترتبط بهذين المحورين، وذلك في ضوء الاضطرابات القائمة عالميًا.
خلال كلمته، أوضح رئيس الوزراء أن الدولة تحاول من خلال هذه السردية الرد على عدد كبير من التساؤلات التي أُثيرت خلال الفترة الماضية، مثل:
-
هل تمتلك الدولة المصرية، في ظل التحديات الراهنة، رؤية قصيرة ومتوسطة المدى؟
-
هل لدى الحكومة تصور واضح لما ستقوم به بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي؟
-
هل هناك تكامل في العمل داخل الدولة، أم أن كل جهة تعمل بمعزل عن الأخرى؟
وأكد رئيس الوزراء أن هذه السردية تأتي كمحاولة للإجابة على هذه التساؤلات، مشددًا على أن الوثيقة لم تُعد كرد فعل على أحداث معينة، بل بدأت منذ أن نالت الحكومة الحالية ثقة الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو 2024. ولفت إلى أن هذا الجهد لا يُنسب فقط إلى الحكومة الحالية، بل هو نتاج عمل تراكمي كبير تم خلال فترة استثنائية للغاية.
السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أهمية أن يكون الخبراء والمواطنون على دراية كاملة بطبيعة التحديات الراهنة، موضحًا أنه تشرف، خلال الشهر الماضي، بتمثيل السيد رئيس الجمهورية في قمتين دوليتين:
-
قمة التيكاد في اليابان (قمة التعاون الياباني–الأفريقي)
-
قمة شنغهاي للتنمية في الصين، بحضور عدد كبير من زعماء العالم.
وقال رئيس الوزراء: كل كلمات رؤساء دول العالم، بلا استثناء، تحدثت عن حالة من عدم وضوح الرؤية، وأكدت أن ما يُدار حاليًا هو سلسلة من الأزمات غير المسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، إلى جانب أعباء اقتصادية ثقيلة، خاصة على الدول النامية، مثل: تضخم الدين، وزيادة أعباء خدمة الديون العالمية.
وأضاف أن هناك مطالب متزايدة بإعادة صياغة دور المؤسسات الدولية، بداية من الأمم المتحدة مرورًا بمؤسسات التمويل الدولية، مع التأكيد على ضرورة إجراء إصلاحات جذرية لتتمكن تلك المؤسسات من مواكبة التحديات.
وتابع: كان حديث الزعماء واضحًا: لن تستطيع أي دولة، بمفردها، الصمود أمام هذه التحديات الكبرى. هذا ما أجمع عليه رؤساء الدول، حتى الدول العظمى، وليس فقط الدول النامية أو الفقيرة.
رؤية مصر في ظل التحديات العالمية
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن دور الحكومة، رغم صعوبة الظروف، هو وضع رؤية واضحة للدولة المصرية. وهذا ما تعمل عليه الدولة منذ فترة، حيث تركز على الاستفادة من البنية التحتية واللوجستية التي تم تطويرها، من أجل الانطلاق نحو القطاعات الإنتاجية.
وأشار إلى ما ذكره الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، بشأن إنشاء المصانع وجذب الاستثمارات، مؤكدًا أن هذا ما كان ليحدث لولا تطوير البنية الأساسية خلال السنوات الماضية.
وأضاف: لا يمكن لأي مستثمر أجنبي أن يضخ استثماراته دون توافر بنية تحتية متكاملة من طرق، وطاقة، ومياه، وغاز، وصرف صحي. وهذا ما جعل مصر اليوم مؤهلة لتحقيق طفرة تنموية.
وساق رئيس الوزراء مثالًا بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي شهدت تطورًا كبيرًا نتيجة للاستثمارات الضخمة في البنية التحتية خلال الست أو السبع سنوات الماضية، مما أدى إلى تزايد إقبال المستثمرين الأجانب.
وأكد مدبولي، أن مصر، عبر هذه البنية الأساسية، باتت مستعدة للتركيز في المرحلة المقبلة على القطاعات القابلة للتداول ذات القيمة المضافة، مثل: الصناعة، السياحة، الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات.
القطاع الخاص شريك أساسي في التنمية
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تهدف إلى تجميع جهود الدولة خلال السنوات الماضية، والحالية، وخلال الخمس سنوات القادمة. وتشمل:
-
إصلاحات على صعيد السياسات النقدية والمالية
-
تحسين مناخ الاستثمار
-
إصلاح الضرائب والجمارك
-
تمكين القطاع الخاص ليقود التنمية
وشدد على أن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية في مصر خلال الفترة المقبلة، والحكومة تمهد له الطريق لذلك.
تحسن المؤشرات الاقتصادية
أشار رئيس الوزراء إلى تحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية مؤخرًا، منها:
-
ارتفاع معدل النمو إلى 4.2% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الحالي (مقارنة بـ2.4% العام الماضي)، مدفوعًا بقطاعات مستدامة: الصناعة، السياحة، الاتصالات، الزراعة.
-
تحقيق فائض في الموازنة بنسبة 3.6%، مستهدفًا 4% في العام القادم.
-
انخفاض معدل التضخم من 25.7% في يوليو 2024 إلى 13.9% في يوليو 2025.
-
ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى أكثر من 36.5 مليار دولار.
-
تراجع معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها خلال الأربع سنوات الأخيرة.
نحو نموذج اقتصادي مستدام حتى 2030 وما بعدها
أكد رئيس الوزراء أن الهدف هو الوصول إلى معدل نمو مستدام يتراوح بين 5–7%، مشيرًا إلى أن السردية تحتوي على سيناريوهات لتحقيق هذا الهدف، بالرغم من التحديات الجيوسياسية المتوقعة.
وأوضح أن الصادرات المصرية من المتوقع أن تحقق هذا العام زيادة بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، مشددًا على ضرورة الحفاظ على هذا الاتجاه خلال السنوات الخمس المقبلة.
السردية: مسودة أولى ورؤية تشاركية
أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن: السردية الحالية تمثل مسودة أولى، وليست نهائية. الهدف هو إطلاق حوار مجتمعي وتخصصي، من خلال مجموعات عمل، يديرها خبراء من خارج الحكومة، للخروج في ديسمبر 2025 بوثيقة تفصيلية تعكس رؤية مصر الاقتصادية.
وشدد على أن الهدف الأساسي هو تحسين جودة حياة المواطن المصري، وليس مجرد تحسين المؤشرات الاقتصادية. ولهذا، سيتم قياس مدى نجاحنا عبر مؤشرات كمية واضحة.
واختتم الدكتور مصطفى مدبولي كلمته بتوجيه الشكر لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وكل الوزراء الذين ساهموا في إعداد السردية.
وأكد أن ما تم تقديمه اليوم هو أساس لحوار وطني، يتم خلال شهرين إلى شهرين ونصف، قبل الإعلان الرسمي عن الوثيقة النهائية في مؤتمر موسع بنهاية العام الجاري.