في خطوة إيجابية تعكس التقدم في مسار الإصلاحات الاقتصادية، قامت وكالة ستاندرد آند بورز (S&P) برفع التصنيف الائتماني السيادي لمصر إلى «B» من «B-» مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك للمرة الأولى منذ سبع سنوات.
وجاء القرار في 10 أكتوبر 2025 مدعومًا بحزمة من الإصلاحات الهيكلية التي أسهمت في انتعاش النمو الاقتصادي وتحسين مؤشرات الأداء المالي والنقدي.
فيتش تؤكد التصنيف مع نظرة مستقرة
في الوقت نفسه، أكدت وكالة فيتش (Fitch) تصنيف مصر طويل الأجل بالعملة الأجنبية عند مستوى «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى تحسن الاحتياطيات النقدية وانخفاض معدل التضخم، وهو ما يمثل اعترافًا دوليًا بالإصلاحات الاقتصادية التي أعادت رسم ملامح الاقتصاد المصري خلال العامين الماضيين.
مؤشرات اقتصادية إيجابية تدعم القرار
قال أحمد أبو الخير، الخبير المصرفي، إن قرار وكالات التصنيف الائتماني برفع تصنيف مصر يعود إلى مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي شهدها الاقتصاد خلال عام 2025، من أبرزها، تراجع معدل التضخم إلى 11.7% في سبتمبر 2025 بعد أن تجاوز 30% العام السابق واستقرار سعر الصرف وتراجع الدولار إلى ما دون 50 جنيهًا وارتفاع موارد النقد الأجنبي من السياحة والتحويلات والاستثمارات المباشرة.
انضباط مالي وتحسن هيكل الدين العام
أوضح أبو الخير أن الحكومة تبنت سياسات مالية أكثر انضباطًا انعكست في تراجع عجز الموازنة وتحسن هيكل الدين العام بفضل تنويع أدوات التمويل وتقليل الاعتماد على الاقتراض قصير الأجل.
كما ساهمت برامج إعادة هيكلة الديون وتحسين إدارة الأصول العامة في تعزيز ثقة المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين الأجانب في أداء الاقتصاد المصري.
دور البنك المركزي في دعم الاستقرار
أكد الخبير المصرفي أن البنك المركزي المصري لعب دورًا حاسمًا في ترسيخ الاستقرار النقدي وتحفيز النشاط الاقتصادي من خلال اتباع سياسة نقدية مرنة استهدفت خفض أسعار الفائدة تدريجيًا بمقدار 6.25% منذ بداية العام، مما ساعد على تقليل تكلفة التمويل وتشجيع الاستثمار والإنتاج.
أثر رفع التصنيف على الاقتصاد والاستثمار
أشار أبو الخير إلى أن رفع التصنيف الائتماني يمثل دفعة قوية للاقتصاد المصري، إذ يعزز ثقة المستثمرين الدوليين ويزيد من جاذبية مصر للاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومن المتوقع أن يؤدي القرار إلى خفض تكاليف الاقتراض الخارجي للحكومة والشركات، بما يوفر موارد إضافية لتمويل المشروعات الكبرى.
تحسن النظرة المستقبلية للنمو الاقتصادي
وأضاف أن هذا التطور سيسهم في تحسين النظرة المستقبلية للنمو، خاصة في قطاعات السياحة والتصدير والطاقة، وهو ما سينعكس إيجابًا على التشغيل والتوازن المالي، رغم استمرار بعض التحديات الجيوسياسية.
استفادة القطاع المصرفي من رفع التصنيف
أوضح الخبير المصرفي أن القطاع المصرفي المصري من أبرز المستفيدين من تحسن التصنيف، حيث يؤدي ذلك إلى رفع تقييم البنوك المصرية دوليًا، مثل البنك الأهلي المصري، بنك مصر، البنك التجاري الدولي (CIB)، ما يعزز قدرتها على جذب التمويلات الخارجية بشروط أفضل.
آفاق التمويل والتوسع الاقتصادي
لفت إلى أن هذا التحسن سيسمح للبنوك المصرية بتوسيع نطاق التمويل التجاري والصناعي ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في ظل انخفاض تكلفة التمويل، ما يسهم في تنشيط الدورة الاقتصادية المحلية وتعزيز دور الجهاز المصرفي كمحرك رئيسي للنمو المستدام.
خطوة استراتيجية لاستعادة الثقة الدولية
أكد أبو الخير أن تحسن التصنيف الائتماني لمصر من قبل ستاندرد آند بورز وفيتش يمثل خطوة استراتيجية نحو استعادة الثقة الدولية في الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن القرار يعكس بدء ثمار الإصلاحات الاقتصادية ويشكل نقطة انطلاق جديدة لجذب الاستثمارات وتوسيع النشاط المصرفي.
توقعات التضخم ومخاطر المرحلة المقبلة
من جانبه، قال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح إن رفع التصنيف يمثل إشارة واضحة لتحسن الثقة في الاقتصاد المصري بعد سنوات من الضغوط المالية، متوقعًا تباطؤ معدل التضخم إلى 11.1% بنهاية العام المالي 2025/2026.
وأشار إلى أن تحرير سعر الصرف واستقرار سوق النقد وضبط المالية العامة ساهمت في تحقيق فائض أولي يُعد الأكبر منذ سنوات.
تحديات مستقبلية محتملة
أوضح أبو الفتوح أن هناك تحديات قد تعرقل الوصول إلى المستويات المستهدفة للتضخم (10.2% و7.8%) خلال العامين المقبلين، من بينها ارتفاع أسعار الطاقة أو الغذاء عالميًا، وزيادة تكلفة خدمة الدين العام.
البنوك المصرية أكبر المستفيدين
أضاف أن القطاع المصرفي المحلي سيكون من أكبر المستفيدين من استقرار الاقتصاد، إذ يؤدي تباطؤ التضخم إلى استقرار أسعار الفائدة وتحسن جودة الأصول، ما يعزز فرص الإقراض والاستثمار خلال النصف الثاني من العام المقبل.
