
كتب: محمد عوض
كشفت شبكة سي إن إن الأميركية، في تحليلٍ لها، عن 3 أسباب أدت إلى ارتفاع أسعار النفط في العالم، رغم خفوت حدة الحرب في أوكرانيا «نسبيًا»، وعدم توسعها إلى شئ أكبر يهدد العالم، بشكل لا يمكن التدخل لوقفه
ذكرت سي إن إن ، إن الراصد والمراقب للأسواق، سيعلم إن أسعار النفط عادت إلى ما كانت عليه في الأيام الأولى لحرب أوكرانيا، دون أن يلوح هناك أو هنا أي احتمال لراحة كبيرة للشركات أو المتعاملين الدوليين.
النفط يصعد لأعلى مستوى
قفز سعر خام برنت، الذي يعد المعيار العالمي، متجاوزًا 124 دولارًا للبرميل في وقت سابق، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ أوائل مارس، وذلك بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيخفض وارداته من الطاقة بنسبة 90٪، وذلك لكونها تأتي من مصدر واحد، وهي روسيا، وذلك بحلول نهاية هذا العام.
تراجعت الأسعار بعدها بشكل طفيف إلى حوالي 117 دولارًا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التوقعات التي تقول بأن منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، ستضخ المزيد من النفط، ولكن ليس بما يكفي لتخفيف الألم الذي يشعر به المستهلكون في أوروبا أو لترويض التضخم العالمي المتفشي بقوة.
وسيبقي الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي وتعافي الطلب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم على ارتفاعهما.
وحول ذلك، قال مات سميث، محلل أسواق النفط الأول للأميركتين في شركة كابلر لتحليلات الأسواق، لشبكة سي إن إن : أن “أسعار النفط المكونة من ثلاثة أرقام من المرجح أن تظل ثابتة”.
وأضاف سميث: “إذا عاد الطلب الصيني بقوة بعد عمليات الإغلاق واستمرت روسيا في التصدير بحجم أقل، فإن عودة أسعار أعلى مستوى عند 139 دولارًا التي شهدناه في وقت سابق من العام لن تكون أمر بعيدًا”.
أوروبا تتخلى عن النفط الروسي
على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ النمو الذي يثير شبح الركود، فمن غير المرجح أن ينخفض الطلب العالمي على النفط بما يكفي لخفض الأسعار ، كما حدث في عام 2008.
أردف سميث “القلق يأتي هذه المرة من جانب العرض، فحتى لو كنا نتجه إلى الركود، فقد لا نشهد بالضرورة انخفاض للأسعار بشكل كبير”.
تبنى الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة رسميًا قرار بحظرٍ نفطي على روسيا، كجزء من حزمة سادسة من العقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، وهو القرار الذي سيعمل على حالة من الاضطرابات وقتها، فليس لدى معظم دول الاتحاد الأوروبي، متسع من الوقت للتحرك في مساحات أوسع، فأمامهم فقط ستة أشهر حتى يتخلصوا بشكل تدريجي من واردات النفط الروسي، وثمانية أشهر لجميع منتجات النفط الأخرى.
وعلق سميث، بإن الاتحاد سيواصل على الأرجح شراء بعض النفط من روسيا في الوقت الحالي ، لكن دول الاتحاد الآن تبحث بقوة عن موردين آخرين ، يكونوا بدلاء لروسيا.
وفقًا لبيانات كابلر ، تضاعفت واردات النفط الخام من أنجولا ثلاث مرات منذ بداية الحرب، في حين ارتفعت الكميات الواردة من البرازيل والعراق بنسبة 50٪ و 40٪ على التوالي.
قال محللون في شركة فورتكسا لدراسة بيانات أسواق الطاقة، لشبكة سي إن إن “إن الحصول على النفط من مواقع بعيدة أكثر سيبقي الأسعار مرتفعة”.
وذكر المحللون “التأثير المباشر لذلك هو ارتفاع تكلفة الشحن بسبب الرحلات الطويلة، وبالتالي ارتفاع تكاليف تسليم النفط”.
يمكن للحكومات القيام ببعض الأشياء لتخفيف الأسعار ، بما في ذلك تقديم دعم للوقود وتحديد سقف للأسعار ، لكن الحل السحري الذي يحتاجه العالم حقًا لخفض الأسعار، هو زيادة الضخ وتوسيع حجم المعروض والإنتاج من النفط.
بدائل غير كافية
في العام الماضي، شكلت روسيا 14٪ من إمدادات النفط العالمية، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، كما أن عقوبات الغرب على روسيا تخلق فجوة كبيرة في السوق.
أوقفت روسيا ما يقرب من مليون برميل يوميًا من إنتاج النفط في أبريل، وقد يصل هذا إلى حوالي 3 ملايين برميل يوميًا خلال النصف الأخير من عام 2022، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، قبل يومين على ضخ 648 ألف برميل إضافية من النفط يوميًا في السوق العالمية في يوليو وأغسطس، بأكثر من 200 ألف برميل، في صفقة شملت روسيا.
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن إنتاج النفط العالمي، باستثناء روسيا، يجب أن يرتفع بأكثر من 3 ملايين برميل يوميًا لبقية هذا العام، لمعادلة تأثير العقوبات.
لكن سميث يعتقد أن هذا قد يكون من الصعب تحقيقه. وقال إنه حتى قبل الحرب في أوكرانيا، كان منتجو النفط يخفضون استثماراتهم في مشروعات إنتاج النفط، في ظل التوجه نحو الطاقة المتجددة، كما إن لمنظمة أوبك حدودها.
ونوه سميث إلى أن “أوبك + تكافح بالفعل لمواكبة الاتفاق الحالي – حتى الأعضاء الأساسيون في أوبك مثل السعودية والإمارات والكويت صدروا الشهر الماضي أقل مما كان في أبريل”.
قال جيوفاني ستونوفو ، المحلل الاستراتيجي في بنك الاستثمار يو بي إس :إن”العديد من الدول الأعضاء في أوبك + قد وصلت بالفعل إلى حدود طاقتها الإنتاجية”.
وذكر ستونوفو “هذا يعني أن الزيادات الفعالة في الإنتاج من المرجح أن تكون حوالي نصف الزيادة المستهدفة”.
طلب عالمي قوي
لأشهر، أدى حالة الإغلاق الصارم بسبب فيروس كورونا في شنجهاي وبكين ومدن صينية كبرى أخرى إلى إضعاف الطلب في أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم.
ولكن مع بدء الحكومة الصينية في رفع هذه القيود، فإن الطلب المكبوت قد يرفع الأسعار أكثر.
يمكن للصين أيضًا زيادة وارداتها من النفط من روسيا، بخصم 34 دولارًا للبرميل مقارنة برنت.
يقدر المحللون كذلك، أن الصين استوردت 1.1 مليون برميل يوميًا من النفط الروسي المحمول بحراً في مايو ، بزيادة حوالي 37 ٪ عن متوسط العام الماضي.
وعاد سميث، ليقول، أنه لا يتوقع أن يعود الطلب في الصين “بقوة” بسبب نهجها التدريجي في رفع القيود، ولكن “تم القضاء على أكبر تأثير هبوطي للأسعار ، ومن ثم هناك سبب آخر لتوقع رؤية الأسعار وهي ترتفع عن المستويات الحالية في المستقبل”.
أثبت الطلب على الوقود في الولايات المتحدة أيضًا أنه مرن إلى حد ما على الرغم من الأسعار الكبيرة.
كما تراجعت كميات الغاز التي تم ضخها في مايو في محطات الوقود الأميركية بنسبة 5٪مقارنة بنفس الفترة قبل عام.
ووفقًا للمحللين، الذي رصدوا أسعار البنزين وبيانات الاستهلاك منذ الغزو، حدث هذا الانخفاض مع ارتفاع متوسط السعر بأكثر من 50٪ على أساس سنوي ليصل إلى 4.60 دولار للجالون في أواخر مايو.
وذكرت منصة أويل برايس، إن السوق النفطي يشهدالكثير من الاضطرابات، مع حظر الاتحاد الأوروبي النفط الروسي، وتسريع أوبك في زيادة إنتاجها، وانخفاض المخزونات الأمريكية مرة أخرى.
وشهد الأيام القليلة الماضية خروج الصين أخيرًا من كابوس الإغلاق الذي دام ثلاثة أشهر ، كما تأثرت أسعار النفط بالتقارير التي تفيد بأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ستسعيان إلى تسريع الزيادات الشهرية لأوبك +.
ذكرت أويل برايس، إنه مع زيادة ضخ النفط بـ648 ألف برميل في اليوم خلال شهري يوليو وأغسطس، يبدو أن الأسعار قد تنخفض لتحوم حول 110 دولارات للبرميل، لكن ما قد يصل بالأمور إلى حالة الاستقرار وهدوء الأسواق، هو انخفاض المخزونات الأميركية، إلى جانب قرار الاتحاد الأوروبي بحظر واردات النفط الروسية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى.