رغم الزلزال الكارثي.. الاقتصاد التركي يفوق توقعات الخبراء بمعدلات نموه
العامل الرئيسي وراء التوسع في 2022 يأتي مدفوعًا بالإنفاق الاستهلاكي القوي
كتب- محمد عوض:
نما الاقتصاد التركي بدرجة تفوق التوقعات، خلال العام الماضي 2022، وفقًا لبيانات حكومية، تؤكد كيف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعطي الأولوية للنمو على محاربة التضخم الكبير، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز الاقتصادية البريطانية في تقريرٍ لها.
اعتبرت الصحيفة، أن معدلات النمو هذه تعود إلى محركها الأول، وهو الإنفاق الاستهلاكي.
ومن الصحيح القول إن الحكومة التركية حاربت التضخم ليس خلال العام الماضي فقط، مع إندلاع الحرب الأوكرانية، ولكن قبلها، وعمدت إلى رفع المرتبات بشكل كبير، لكن، ذلك كان في طياته دعم الإنفاق والنمو كأولويوية في السياسات الاقتصادية.
لماذا الأرقام تفوق التوقعات؟
في تفاصيل الأرقام، أفاد مكتب الإحصاء الرسمي التركي اليوم الثلاثاء، أن الناتج المحلي الإجمالي زاد بنسبة 5.6 % على أساس معدل التضخم.
كان المعدل أعلى من 2.3% التي سجلتها مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، وتوقعات صندوق النقد الدولي التي كانت 3.9 % للأسواق الناشئة.
وسلط التقرير، الذي غطى الفترة التي سبقت الزلزال المدمر الذي وقع هذا الشهر، الضوء على تركيز أردوغان على زيادة الإنتاج الاقتصادي بدلاً من اتباع مسار معظم الدول الأخرى، التي ضحت بالنمو في محاولة لترويض التضخم من خلال رفع تكاليف الاقتراض.
تجاوز نمو أسعار المستهلك في تركيا 85 % بأكتوبر وظل عند حوالي 60 % الشهر الماضي.
ارتفع الإنفاق الاستهلاكي، الذي يشكل ما يقرب من 60 % من الناتج الاقتصادي التركي، بنسبة 19.7 في المائة في عام 2022.
ويفضل المستهلكون خلال فترات التضخم المرتفع شراء السلع بدلاً من الانتظار حتى تصبح أكثر تكلفة.
يواجه أردوغان أصعب حملة انتخابية خلال عقدين من عمره في السلطة عندما يذهب الأتراك إلى صناديق الاقتراع للتصويت في 14 مايو، على الرغم من أن بعض المحللين يتوقعون تأجيل الانتخابات بسبب الزلزال.
زيادة الرواتب
وقد رفعت حكومة أردوغان الحد الأدنى للأجور ورواتب القطاع العام ورفعت معاشات التقاعد.
حول ذلك، قال ليام بيتش، الاقتصادي في شركة كابيتال إيكونوميكس في لندن: “الطريقة التي تكيفت بها تركيا مع بيئتها ذات التضخم المرتفع كانت من خلال الدعم الحكومي”.
أضاف بيتش إن الوتيرة السريعة للإنفاق الاستهلاكي تعد علامة على أن الاقتصاد التركي يمر باجراءات بها ضغوطات كبيرة، نتيجة إجراءات الدعم المالي من الحكومة وسلسلة من التخفيضات الحادة في أسعار الفائدة العام الماضي.
اعتبر اقتصاديون إن إصرار أردوغان على خفض الأسعار على الرغم من النمو المرتفع لها، قد أشعل مشكلة التضخم.
خسائر الزلزال
خفض البنك المركزي أسعار الفائدة مرة أخرى هذا الشهر حيث سعى إلى دعم الاقتصاد ضد آثار زلزال 6 فبراير الكبير، والذي تسبب في أضرار مادية بقيمة 34 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 3.8 % من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا لعام 2022، حسب تقديرات البنك الدولي.
ويتوقع البنك الدولي أن يصل حجم الخسائر التي خلفها الزلزال في تركيا، بالإضافة إلى تكاليف إعادة البناء نحو 103 مليارات دولار.
وسقط أو تتضرر أكثر من 160 ألف مبنى يضم 520 ألف شقة سكنية في تركيا، ويقول البنك الدولي يوم أمس الإثنين إن الزلزالين الكبيرين اللذين هزا تركيا في السادس من فبراير تسببا في أضرار مادية مباشرة بلغت قيمتها نحو 34.2 مليار دولار، لكن إجمالي تكاليف إعادة الإعمار والتعافي التي تواجهها البلاد قد يكون ضعف ذلك.
وقال البنك الدولي إن 7500 هزة ارتدادية أعقبت الزلزالين مما تسبب في أكبر كارثة من هذا النوع تشهدها تركيا منذ نحو قرن.
وقدم البنك الدولي مساعدة فورية قيمتها 780 مليون دولار لتركيا من مشروعين قائمين هناك بالإضافة إلى مليار دولار في مشروع تعاف طارئ جديد.
لكن لا يزال المحللون يقومون بتقييم التأثير الكامل للكارثة الزلزالية على الاقتصاد التركي ، لكن الكثيرين يتوقعون حدوث ضربة قصيرة الأجل للنمو يتبعها ارتفاع جديد في الإنفاق الحكومي لتمويل جهود التعافي الضخمة.
معدل النمو بعد الزلزال
من المتوقع أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي في تركيا إلى 2.7 % هذا العام 2023، وفقًا لتقديرات الاقتصاديين التي جمعتها شركة فاكيت سيت.
وحقق قطاعات التجارة، أداء قوي في عام 2022، حيث ارتفعت الصادرات بنسبة 9.1 % والواردات بنسبة 7.9 %.
ومع ذلك، تحولت التجارة إلى عائق في نهاية العام الماضي ، مع انخفاض الصادرات على أساس ربع سنوي في كل من الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022.
ويقول العديد من الاقتصاديين، إن الليرة التي دعمتها تدخلات البنك المركزي التركي وسلسلة من البرامج الحكومية لتفريغ جيوب المضاربين من حيازة العملات الأجنبية، لا تزال في الوضع المواتي للتصدير، بما يضر بالقدرة التنافسية للصادرات التركية.