تأثيرات ستطال الشاي والقهوة.. تباطؤ اقتصادات شرق إفريقيا بفعل ارتفاع التضخم وانخفاض الصادرات
كتب- محمد عوض:
لا تزال الآفاق الاقتصادية لمنطقة شرق إفريقيا في حالة يرثى لها بسبب استمرار انخفاض الصادرات وسط ارتفاع التضخم الذي يرفع تكلفة المعيشة، وفقًا لما ذكرته صحيفة ذا إيست أفريكان.
يقول تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» إن البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء تحدق في اتجاه الركود مع استمرار معدلات التضخم المرتفعة التي من المحتمل أن تلحق أضرارًا أسوأ من جائحة كورونا لعام 2020.
كما يقول تقرير التجارة والتنمية لعام 2022، إن الركود العالمي سيؤثر على الأرجح على صادرات مجموعة دول شرق إفريقيا، وكذلك أسعار الصرف مقابل الدولار.
انخفاض الأجور الحقيقية
يحذر التقرير الذي صدر الشهر الماضي من أن انخفاض الأجور الحقيقية، وارتفاع تكلفة الوقود، وارتفاع الديون، والتضييق النقدي المفرط يمكن أن يؤدي إلى فترة من الركود وعدم الاستقرار الاقتصادي للعديد من البلدان النامية وبعض الدول المتقدمة.
قالت الصحيفة، إن الزيادات السريعة في أسعار الفائدة والتشديد المالي في الاقتصادات المتقدمة جنبًا إلى جنب مع الأزمات المتتالية الناتجة عن جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا قد حولت بالفعل التباطؤ العالمي إلى تراجع .
تتوقع الأونكتاد أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.5 % في عام 2022 ، وهو من بين أدنى معدلات النمو في السنوات الأخيرة.
ذكرت الصحيفة، أن أداء النمو اليوم يشير إلى نمط مقلق، فالأمور تزداد سوءًا ، حيث من المتوقع أن يتباطأ النمو أكثر في عام 2023 ، إلى 2.2 %، كما جاء في تقرير الأونكتاد لعام 2022 بعنوان آفاق التنمية في عالم ممزق: الاضطرابات العالمية والاستجابات الإقليمية.
وتبلغ نسبة النمو المقدر ة بـ 2.5% لعام 2022 أقل من نصف معدل النمو البالغ 5.6 %في عام 2021، عندما استؤنف النشاط الاقتصادي بعد الركود بسبب كورونا.
يكشف التقرير أنه في المرحلة الأولى من جائحة كوفيد-19، ارتفع الطلب على السلع وانهار الطلب على الخدمات.
بعد ذلك، مع قيام البلدان بتخفيف قيودها المتعلقة الصحية وانفتاح الاقتصادات، تعافى الطلب على الخدمات حتى مع استمرار ارتفاع الطلب على السلع.
وذكرت الصحيفة، إنه قد شكلت العمليتان ضغطًا تصاعديًا على أسعار المنتجين والمستهلكين ، حتى قبل الحرب في أوكرانيا ، مما دفع التضخم في الاقتصادات المتقدمة فوق الأهداف النقدية المحددة وفي العديد من الاقتصادات الناشئة والنامية إلى مستوى لم نشهده منذ حرب الخليج الأولى في وقت مبكر منذ التسعينيات القرن الماضي.
التأثيرات المباشرة
حذر خبير اقتصادي كيني من أن التأثير من المرجح على اقتصادات شرق إفريقيا سيكون هائلاً لأنه سيؤثر على المعيشة والقدرة على تحمل التكاليف والأعباء.
قال الخبير الكيني ، كين جيتشينجا، من شركة استشارات مينتوريا إيكونوميكس :«نظرًا لأن المنطقة تصدر عددًا كبيرًا من العناصر إلى دول أخرى، مثل الشاي إلى باكستان ومصر ، والقهوة إلى الولايات المتحدة، وزهور البستان إلى أوروبا، كما وأن هذه البلدان التي تصدر إليها دول شرق إفريقيا، تواجه تضخمًا مرتفعًا أو تشديدًا في عمليات الإنفاق وفي ميزانياتها، فإن الطلب قد يشهد على هذه المنتجات انخفاضًا».
وذكر «من المرجح أن تنخفض إمكانات التصدير لأن الطلب في الوجهات الرئيسية قد انخفض بفعل التضخم».
وحذر التقرير من أن ارتفاع أسعار الفائدة هذا العام في الولايات المتحدة من المقرر أن يخفض ما يقدر بنحو 360 مليار دولار من الدخل المستقبلي للبلدان النامية باستثناء الصين ويشير إلى المزيد من المشاكل المقبلة.
وتكشف توقعات مؤسسة جلوبال داتا وكذلك وزارة العمل الأميركية أن معدل التضخم الإجمالي في الولايات المتحدة ارتفع إلى 7.1٪ في ديسمبر 2021، وهو أعلى معدل في العقود الأربعة الماضية.
ويعد التضخم ارتفاع في مستوى أسعار السلع والخدمات في الاقتصاد، مما يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية لقيمة العملة.
وحذر السناتور السابق الأميركي مانديرا بيلو كيرو، من أنه إذا انزلقت اقتصادات العالم إلى الركود، فسيكون لذلك تأثير كبير على صادرات مجموعة دول شرق إفريقيا.
وقال كيرو «إذا دخل الاقتصاد العالمي في حالة ركود ، كما هو متوقع ، خاصة بسبب ما يحدث في أوروبا ، فعندئذ سيكون لدينا تأثيران رئيسيان على كينيا وبقية شرق إفريقيا. أولاً ، ستنخفض بعض الصادرات بشكل رئيسي إلى أوروبا ، ولا سيما أدوات وزهورالبستنة بشكل كبير».
وتابع: «ثانيًا، ثم ستنخفض صادرات الشاي والقهوة والأفوكادو لأن الركود يعني أن الطلب سينخفض بشكل كبير».
وشهدت حوالي 90 دولة نامية ضعف بعملاتها مقابل الدولار هذا العام، وهو ما يقول باستمرار انخفاض احتياطيات العملات الأجنبية لهذه الدول، واتساع هوامش السندات، مع تزايد عدد الأشخاص الذين يسجلون عوائد أعلى بمقدار 10 نقاط مئوية عن سندات الخزانة الأميركية.
وقالت الأمينة العامة للأونكتاد ريبيكا جرينسبان: «لا يزال هناك وقت للتراجع عن الوصول إلى حافة الركود. لدينا الأدوات اللازمة لتهدئة التضخم ودعم جميع الفئات الضعيفة. هذه مسألة خيارات سياسية وإرادة سياسية. لكن الإجراء الحالي يضر بالأكثر ضعفا، لا سيما في البلدان النامية ويخاطر بالدفع إلى ركود عالمي».