الأجانب يوجهون استثماراتهم نحو السندات في مصر ترقبًا لخفض الفائدة
في ظل استمرار أسعار الفائدة المرتفعة في مصر، توجه العديد من المستثمرين الأجانب والعرب نحو سحب استثماراتهم من أذون الخزانة قصيرة الأجل بالعملة المحلية، وتحويل جزء منها إلى سندات الخزانة طويلة الأجل بهدف ضمان الحصول على عوائد مرتفعة لفترة أطول، وسط توقعات بخفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة في العام المقبل، وفقًا لـ الشرق بلومبرج.
وأظهرت بيانات البورصة المصرية في يومي الأربعاء والخميس الماضيين بيع مستثمرين أجانب وعرب لأذون الخزانة قصيرة الأجل، وتحويل استثماراتهم إلى سندات الخزانة بعائد ثابت لأجل 3 سنوات في السوق الثانوية، بقيمة تصل إلى حوالي 90 مليار جنيه بعائد 26.24%، وهو أعلى من العائد المتداول في آخر عطاء والذي بلغ 24.21%.
كان المستثمرون الأجانب قد أقبلوا في مارس الماضي على شراء أدوات الدين المحلية، خاصة أذون الخزانة قصيرة الأجل، عقب تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة 8 نقاط مئوية في الربع الأول من 2024، بما في ذلك 6 نقاط مئوية دفعة واحدة في اجتماع مارس.
بينما استقر البنك المركزي المصري على إبقاء الفائدة دون تغيير في آخر 5 اجتماعات لها عند مستويات مرتفعة بلغت 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض.
ومن المقرر أن يعقد البنك المركزي المصري اجتماعه الأخير للجنة السياسة النقدية في 26 ديسمبر الجاري.
وقال رئيس أحد البنوك الخاصة، إن المستثمرين الأجانب يراهنون على خفض الفائدة في النصف الأول من 2025، وهو ما يفسر توجههم نحو شراء السندات بدلاً من أذون الخزانة.
وكثف البنك المركزي من بيع سندات الخزانة بمختلف آجالها، حيث سجلت المبيعات خلال أول 10 أشهر من تحرير سعر الصرف نحو 435 مليار جنيه، بزيادة 52% عن القيمة المستهدفة البالغة 286 مليار جنيه.
وتمكنت وزارة المالية من زيادة بيع سندات الخزانة لأجل 3 سنوات بعائد ثابت، والتي استحوذت على 88% من إجمالي العطاءات، حيث بلغ إجمالي مبيعات هذه السندات 381 مليار جنيه، بزيادة 80% عن المستهدف البالغ 211.5 مليار جنيه.
وأكد محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، أن ارتفاع العوائد على سندات الخزانة جعلها أكثر جذبًا للمستثمرين الأجانب الذين يفضلونها على أذون الخزانة لتحقيق أرباح أكبر على المدى الطويل قبل أن يتجه البنك المركزي إلى تخفيف السياسة النقدية في العام المقبل.
وأشار رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة إلى أن توجه الأجانب للاستثمار في السندات لأجل ثلاث سنوات يعكس توقعاتهم بتخفيض أسعار الفائدة في مطلع العام المقبل.
وأضاف رئيس قطاع الخزانة في بنك آخر أن شراء الأجانب للسندات لأجل 3 سنوات يشير إلى نظرتهم الإيجابية للاقتصاد المصري واعتقادهم بجدوى الاستثمار في أدوات الدين الحكومية على المدى المتوسط.
في سياق متصل، يواصل صندوق النقد الدولي مراجعته الرابعة لبرنامج التمويل مع مصر، حيث من المتوقع أن تؤدي هذه المراجعة إلى صرف شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار، وهي الأكبر ضمن الشرائح المقررة.
تعرض الجنيه المصري لضغوط في الأسابيع الماضية، حيث سجل الدولار مستويات قياسية بالقرب من 51 جنيهًا، نتيجة لاستحقاقات المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة خلال ديسمبر الجاري، فضلاً عن محاولات بعضهم تحويل جزء من هذه الاستحقاقات للخارج لتحقق أرباحًا.
وأوضح محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهل للاستثمارات المالية، أن قرار المستثمرين الأجانب بشراء أذون أو سندات الخزانة يعتمد على دراسات وتحليلات معمقة، حيث يبرمون عقودًا آجلة مستقبلية لسعر الدولار NDF للتحوط من تقلبات العملة وحماية ربحيتهم في حال انخفاض قيمة الجنيه.
وذكر أن المستثمرين الأجانب أصبحوا يفضلون شراء السندات في السوق الثانوية بعدما اقتصرت السوق الأولية على المتعاملين الرئيسيين مثل البنوك والأفراد، بموجب قرار سابق في العام الجاري.
وتمكنت مصر هذا العام من جذب تعهدات استثمارية وقروض تزيد قيمتها عن 50 مليار دولار، بما في ذلك صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات، وهو أكبر استثمار مباشر في تاريخ مصر.