
الشركات العقارية تتوسع في البيع بالخارج لمواجهة هدوء السوق المصري
طارق شكري: المطورون اتجهوا إلى العملاء الأجانب والتمويل العقاري حل لمواجهة الركود
استعدت الشركات العقارية في مصر للعودة إلى معدلات البيع العادية، وانتهاء فترة الطفرة التي شهدتها سنوات الاضطرابات الاقتصادية منذ منتصف عام 2022 وحتى منتصف العام الجاري، إذ وجهت الشركات بوصلتها نحو جذب مشترين من الخارج، ما يضمن لها عوائد دولارية من جانب، ويحافظ على معدلاتها البيعية من جانب آخر.
وقال تقرير حديث أصدرته شركة سي آي كابيتال: «بالنظر إلى المستقبل، نتوقع استمرار عودة المبيعات إلى مستوياتها الطبيعية، مع تراجع الدوافع السابقة التي دعمت مستويات المبيعات، بما في ذلك الحاجة إلى التحوط ضد انخفاض الجنيه المصري».
وظهرت بوادر هذا الهدوء في الشهور الأخيرة، والتي مر فيها السوق بحالة من التباطؤ في حركة البيع والشراء، ما دفع الشركات إلى تقديم عروض تسويقية كبيرة للحفاظ على إيراداتها، وإطلاق أنشطة جديدة تضمن لها تحقيق عوائد دولارية، وزيادة تواجدها في الخارج، سواء بمشروعات جديدة أو الترويج لمشروعاتها في مصر وجذب عملاء جدد، من الجاليات المصرية بالخارج أو العملاء الراغبين في امتلاك وحدات داخل مصر، مع الامتيازات التي تقدمها الحكومة في هذا الصدد، وخاصة منح الإقامة أو الجنسية.
وقال طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، في تصريحات لـ الشرق: حدوث هدوء في حركة البيع والشراء بالسوق العقاري أمر طبيعي، لأن المتعارف عليه منذ نحو 25 عامًا أن يشهد السوق موجات صعود وهبوط كبيرة، وهو ما تتحرك معه الشركات عبر وضع استراتيجيات تتناسب مع ذلك وتضمن بها الحفاظ على إيراداتها.
وأضاف شكري أن استمرار البيع للعملاء من خارج مصر سيعزز من قدرات الشركات ويوفر لها السيولة التي تحتاج إليها، وهو ما اعتمدت عليه الشركات وتوسعت فيه خلال العام الجاري، ونتج عنه وصول معدلات تصدير العقار المصري إلى نحو 1.5 مليار دولار منذ بداية 2025، بنمو 200% عن عام 2024 بأكمله، والذي سجل خلاله بيع عقارات مصر بالخارج نحو 500 مليون دولار.
وأشار شكري أيضًا إلى أن الحل الجذري في مواجهة هدوء الأسواق يتمثل في توقف الشركات عن قيامها بدور البنوك وشركات التمويل، وأن تقوم الدولة بتفعيل نظام تمويل عقاري بفائدة مخفضة، كاشفًا عن تقدمه بمقترح الأسبوع الماضي إلى مجلس الوزراء يقضي بمنح تمويل عقاري تستفيد منه الأسرة لمرة واحدة، أي لتمويل وحدة واحدة فقط، بفائدة تتراوح بين 8 إلى 12%.
أحمد صبور: استقطاب عملاء من الخارج وإقامة مشروعات إقليمية خطوات هامة
من جانبه، قال المهندس أحمد صبور، رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي صبور، إن العودة إلى المعدلات الطبيعية للمبيعات أمر ليس بجديد على السوق، ولا يمثل أي ضغط، خاصة مع وجود احتياج حقيقي متزايد يُقدر بنحو مليون وحدة سنويًا، وتعامل الشركات مع هذا الملف يختلف حسب احتياجاتها وخططها، لافتًا إلى أن توفير احتياجات العملاء هو المحور الأساسي الذي تركز عليه الشركات في المقام الأول.
وتابع صبور، أن شركته عملت خلال الفترة الماضية على إطلاق مشروعات عبر الدخول في شراكات، باعتبارها الآلية الأنسب لمواجهة تقلبات السوق وتخفيف الضغوط المالية على الشركات، مع إطلاق مشروعات تتناسب مع تطلعات واحتياجات العملاء، والتركيز على المناطق ذات الطلب المرتفع، لضمان تحقيق إيرادات بيعية تلبي احتياجاتها المالية.
وفي ما يتعلق بتحقيق عوائد دولارية، أشار صبور إلى أن الشركة اتجهت إلى الأسواق الخارجية، وتحديدًا سلطنة عمان بإطلاق مشروعها «وادي زها»، مع تفاوضها على أراضٍ أخرى في السلطنة، وأيضًا مباحثاتها في السعودية والعراق.
كما لفت إلى أن هناك تحركات أخرى لرفع معدلات البيع في الخارج، بالتركيز على المصريين الباحثين عن حفظ القيمة، والمستثمرين العرب الراغبين في تنويع محافظهم، والأجانب الذين ينظرون إلى مصر كسوق واعدة على المدى الطويل.
المهندس محمد خالد العسال، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة مصر إيطاليا للتطوير العقاري، إن العام الجاري شهد عودة مبيعات القطاع خلال عام 2025 إلى المسار الطبيعي المتعارف عليه، بعدما هدأت الاضطرابات الاقتصادية التي كانت سببا رئيسيا في تحقيق طفرة كبيرة في شراء العقارات بغرض الاستثمار والادخار، مشيرا إلى أن الأشهر الماضية شهدت طلبا من أصحاب الحاجة الحقيقية إلى السكن، وهو ما ظهر بصورة واضحة بعد استقرار سعر الصرف، لافتا إلى أن إقبال العملاء من خارج مصر على الشراء كان له الدور الأكبر في الانتعاشة التي مر بها السوق.
ولفت إلى أن الشركة ستواصل تكثيفها لعمليات البيع للعملاء من الخارج، مع إقبالهم الكبير على مشروعات عدة مناطق يتصدرها الساحل الشمالي، لافتا إلى أن الشركة حققت مبيعات كبيرة لصالح العملاء من خارج مصر، قاربت على 50% من المتحقق في مشروعاتها بالساحل الشمالي.
وأشار إلى أن المبيعات العقارية خارج مصر تعتمد في المقام الأول على رغبة الأجانب والمصريين في الخارج في اقتناص وحدات بمناطق مميزة، للاستفادة من فارق سعر العملة من جانب، وأيضا ما تتميز به منطقة الساحل الشمالي من مناخ جاذب وموقع جغرافي مميز يحظى بإقبال كبير من جانب مستثمري العرب والخليج.
في أكتوبر 2024، أطلقت مصر والإمارات مشروع رأس الحكمة باستثمارات تُقدَّر بـ 35 مليار دولار، بموجب اتفاقية استثمارية بين البلدين، حيث استحوذت شركة “القابضة ADQ” الإماراتية على حقوق التطوير مقابل 24 مليار دولار مخصصة للتنمية، مع احتفاظ الحكومة المصرية بحصة تبلغ 35%.