نجحت افتاة العربية بيسان قعدان في ابتكار جهاز ذكي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لفرز النفايات تلقائيًا، مما يسهم بشكل مباشر في رفع كفاءة عمليات إعادة التدوير، وذلك في إنجاز علمي واعد من شأنه إحداث نقلة نوعية في مجال إدارة النفايات وحماية البيئة وتحقيق عوائد اقتصادية ملموسة.
ويُعد هذا الابتكار تطورًا مهمًا في مجال إدارة النفايات الصلبة، إذ يدمج بين الذكاء الاصطناعي والاستدامة البيئية، لتبسيط عمليات الفرز وتقليل الوقت والجهد المبذول في تصنيف النفايات، ما يشجّع الأفراد والمؤسسات على اعتماد سلوكيات بيئية أكثر مسؤولية.
ويأتي هذا الابتكار في وقت تحتل فيه مصر موقع الريادة عربياً في مجال إعادة تدوير المخلفات، وتسعى بشكل حثيث إلى توسيع هذه الجهود وتحسين كفاءتها.
وقد تم تصميم الجهاز ليُركّب بسهولة على أي سلة نفايات منزلية أو مكتبية، ويعمل بشكل تلقائي عند إلقاء المخلفات، حيث يقوم بمسح العناصر ضوئيًا عبر كاميرا مدمجة، ثم يستخدم خوارزميات متقدمة للتعلم الآلي لتحديد نوع النفايات – سواء كانت عضوية أو قابلة لإعادة التدوير – بدقة تصل إلى 90%.
ويعتمد الجهاز على وحدة Raspberry Pi 4 كوحدة معالجة مركزية، متصلة بكاميرا ومحرك صغير يساهم في تشغيل آلية الفرز، وكل ذلك باستخدام مكونات بسيطة ومنخفضة التكلفة ومتوفرة في الأسواق، مما يجعله حلاً اقتصاديًا قابلاً للتطبيق على نطاق واسع.
وتجدر الإشارة إلى أن فكرة الابتكار وُلدت خلال فترة التدريب الصيفي التي قضتها بيسان قعدان في الشركة المصرية لإعادة تدوير المخلفات الصلبة، حيث أتيحت لها فرصة التعرف عن قرب على التحديات اليومية التي تواجهها عمليات الفرز اليدوي، مما ألهمها لتطوير حل ذكي وفعال يعالج هذه المشكلات. وقد ساهمت البيئة المهنية الغنية في الشركة والدعم الذي تلقته من الخبراء هناك في بلورة الفكرة وتحويلها إلى مشروع عملي قابل للتنفيذ.
وقالت بيسان قعدان، الطالبة في المرحلة النهائية من دراستها الأكاديمية، إن فكرة الجهاز جاءت من إيماني العميق بأن التكنولوجيا يجب أن تكون في خدمة البيئة، مضيفة أنه في ظل التحديات البيئية الكبيرة التي تواجه منطقتنا، نحتاج إلى حلول ذكية ومباشرة تشجّع الأفراد على المساهمة في عمليات إعادة التدوير دون تعقيدات أو مجهود إضافي.
وتابعت “إعادة التدوير لم تعد رفاهية، بل أصبحت ضرورة ملحّة؛ فهدفي من هذا الابتكار هو تسهيل عملية إعادة التدوير على الأفراد من خلال جهاز عملي يمكن لأي شخص استخدامه، سواء في المنزل أو المدرسة أو مقر العمل أو الأماكن العامة.”
ويمثل هذا الجهاز خطوة فعالة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر والمنطقة، إذ يفتح الباب أمام استخدامه في المدارس، الجامعات، الشركات، المرافق العامة، والمنازل، مما يخلق نظامًا بيئيًا متكاملاً لإدارة النفايات الذكية.
وتعمل بيسان قعدان حاليًا على تطوير نسخة متقدمة من الجهاز تشمل تطبيقًا ذكيًا يوفر تقارير دورية للمستخدمين حول كمية النفايات المفروزة ونوعيتها، ما يعزز وعيهم البيئي ويساهم في بناء سلوكيات مستدامة على المدى الطويل.
