
قال خبراء مصرفيون إن ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج خلال العام الماضي بنسبة 51.3% يرجع إلى قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة، والتي كان أبرزها تحرير سعر الصرف، مما قضى على السوق الموازية.
كان البنك المركزي المصري قد أعلن أمس أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج قد ارتفعت بنسبة 51.3% على أساس سنوي في عام 2024، لتصل إلى نحو 29.6 مليار دولار، مقابل نحو 19.5 مليار دولار في عام 2023.
وعلى أساس شهري، وصلت الحصيلة في ديسمبر الماضي إلى أعلى مستوى لها منذ تحرير سعر الصرف، حيث بلغت 3.2 مليار دولار، مقابل نحو 1.6 مليار دولار في ديسمبر 2023، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
وتوقع الخبراء زيادة حصيلة تحويلات المصريين بالخارج بنسب أكبر خلال عام 2025، مما سيسهم في تعزيز قوة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.
وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن تحويلات المصريين العاملين في الخارج تعتبر واحدة من أكبر مصادر النقد الأجنبي التقليدية للدولة المصرية، حيث تلعب دورًا حيويًا في توفير النقد الأجنبي اللازم لتمويل احتياجات الدولة الاستراتيجية وتسوية معاملات التجارة الخارجية ودعم الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي.
وأضاف أن النمو المطرد في تحويلات المصريين يعكس التزام المصريين بالخارج بدورهم الفاعل في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، ويُظهر التأثير الإيجابي المباشر الذي تتركه الأموال المحولة على استقرار سوقي النقد والمال في مصر.
وأوضح أنه منذ أبريل من العام الماضي، بدأ تدفق الحوالات في الارتفاع، مما يعكس تأثير قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف في 6 مارس من العام الماضي، والذي أسهم في اختفاء السوق السوداء وتوحيد سعر الصرف، الأمر الذي أدى إلى تحويل الحوالات إلى حسابات العملاء عبر الجهاز المصرفي.
وتابع: كما ساعدت السياسة النقدية المتشددة في رفع سعر الفائدة، مما أتاح للبنوك ابتكار منتجات جاذبة للمصريين العاملين بالخارج من حيث التنوع وتميز الأسعار. ولا ننسى أيضًا قوة الدفع النفسية التي منحتها صفقة رأس الحكمة على مؤشرات الاقتصاد القومي، بما في ذلك تحويلات المصريين.
وأشار إلى أنه لضمان استمرار تدفق الحوالات بشكل دائم، فإن الأمر يتطلب الالتزام بمرونة سعر الصرف وتركه ليحدد وفقًا لظروف العرض والطلب، بالإضافة إلى استخدام نظم وتطبيقات تكنولوجية لتسهيل وتسريع عمليات التحويل بتكاليف أقل.
وأكمل: كما يجب الاستمرار في ابتكار حوافز ومبادرات من الحكومة والمصارف لتقديم حزمة متنوعة من المنتجات التي تهم العاملين في الخارج.
وأضاف أن دلالات عودة نمو تحويلات المصريين العاملين بالخارج تشير إلى:
- تجفيف السوق الموازية (السوق السوداء) وتوحيد الأسعار في سوق واحد هو سوق الإنتربنك وشركات الصرافة الرسمية.
- ضرب ظاهرة الدولرة في مقتل.
- التأكيد على أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج تعتبر من أهم مصادر النقد الأجنبي، وهي في المرتبة الأولى أو الثانية، ويجب رعايتها وصيانتها لتحقيق الأرقام التاريخية السابقة.
وذكر أن تحويلات المصريين في الخارج، بعد عودتها إلى أرقامها الطبيعية، ستحفز البنوك المصرية للعمل على جذب حصص منها والتنافس على ذلك، مع تحسين الأداء لصالح البنوك التي ستتميز في التطبيقات الإلكترونية.
وتابع: بالإضافة إلى التأثير الإيجابي لخدمة منصة التحويلات اللحظية إنستاباي، التي تسهل عمليات التحويل للعاملين المصريين في الخارج، ما يمثل خطوة رائدة في زيادة تدفق التحويلات بسهولة وفي وقت أسرع وأقل تكلفة.
من جانبه، قال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح إن ارتفاع حصيلة تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 51.3% خلال عام 2024 لتصل إلى نحو 29.6 مليار دولار، وفقًا لما أعلن عنه البنك المركزي، يُعد مؤشرًا بالغ الأهمية للاقتصاد المصري.
وأضاف أنه تمثل هذه التحويلات مصدرًا رئيسيًا للعملة الأجنبية، وتساهم بشكل كبير في دعم الاحتياطي النقدي، وتخفيف الضغوط على الميزان التجاري.
وأوضح أن هناك عدة عوامل ساهمت في تعزيز هذه الزيادة الملحوظة في التحويلات، أبرزها استقرار سعر الصرف بعد فترة من التقلبات، مما شجع المصريين العاملين في الخارج على تحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية.
كما تبنت الحكومة المصرية عدة إجراءات لتسهيل عملية التحويل، بما في ذلك إطلاق تطبيقات للهواتف الذكية، وتوسيع شبكة البنوك ومكاتب الصرافة المعتمدة. وأكد أنه لا يجب أن نغفل أهمية ارتفاع مستوى الوعي لدى المصريين العاملين في الخارج بأهمية تحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية.
ومع ذلك، حذر من بعض التحديات التي قد تؤثر على مستوى التحويلات في المستقبل، مثل التقلبات الاقتصادية العالمية التي قد تؤدي إلى تراجع دخل المصريين العاملين في الخارج، وبالتالي انخفاض حجم التحويلات.
كما قد تؤثر التغيرات في قوانين العمل والإقامة في الدول التي يعمل بها المصريون على قدرتهم على تحويل مدخراتهم. وذكر أنه قد يلجأ بعض المصريين العاملين في الخارج إلى قنوات تحويل غير رسمية لتجنب الرسوم، مما يؤثر على حجم التحويلات عبر القنوات الرسمية.
وأكد أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد المصري، ويجب على الحكومة الاستمرار في تبني الإجراءات التي تشجع زيادة هذه التحويلات، مع مراعاة التحديات المحتملة التي قد تواجهها في المستقبل.