سي إن بي سي: توقعات بنمو استثمارات صناديق الثروة السيادية في 2023 رغم مخاوف الركود
كتب- محمد عوض:
أدت الانخفاضات الشديدة في أسواق الأسهم والسندات خلال العام الماضي إلى خفض القيمة المجمعة لصناديق الثروة السيادية في العالم وصناديق التقاعد العامة لأول مرة على الإطلاق، وفق ما ذكرت شبكة سي إن بي سي الأميركية.
ووفق الدراسة السنوية الجديدة، الصادرة من منصة جلوبال إس.دبليو.إف بشأن أدوات الاستثمار المملوكة للدول، عن هذا القطاع، فقد تراجع بنحو 2.2 تريليون دولار.
ووجد التقرير عن أدوات الاستثمار المملوكة للدولة، والمتمثلة في الصناديق السيادية، أن قيمة الأصول التي تديرها صناديق الثروة السيادية تراجعت إلى 10.6 تريليون دولار من 11.5 تريليون دولار، في حين انخفضت قيمة الأصول الخاصة بصناديق التقاعد العامة إلى 20.8 تريليون دولار من 22.1 تريليون دولار.
قال دييجو لوبيز من «جلوبال إس.دبليو.إف»، إن المحرك الرئيسي كان التصحيحات المتزامنة والهامة التي تجاوزت 10٪ والتي عانت فيها أسواق السندات والأسهم الرئيسية، وهو أمر لم يحدث منذ 50 عامًا.
ارتفاع التضخم
جاء ذلك في الوقت الذي عززت فيه الحرب الروسية على أوكرانيا أسعار السلع ودفعت معدلات التضخم المرتفعة بالفعل إلى أعلى مستوياتها في 40 عامًا.
رداً على ذلك ، قام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الرئيسية الأخرى برفع أسعار الفائدة مما تسبب في عمليات بيع مكثفة في السوق العالمية.
قال لوبيز: «هذه خسائر دفترية ولن يتأثر دور بعض الصناديق بها كمستثمرين على المدى الطويل، لكنها توضح لنا تماما اللحظة التي نقف عندها».
صفقات الاستحواذ
ورغم كل الاضطرابات، قفزت الأموال التي أنفقتها الصناديق للاستحواذ على شركات أو عقارات أو بنية تحتية 12 بالمئة مقارنة بعام 2021.
ووجد التقرير ، الذي حلل 455 مستثمرًا مملوكًا للدولة مع أصول مجتمعة تبلغ 32 تريليون دولار، أن الصندوق السيادي في الدنمارك قد مر بأصعب عام، حيث انخفض بنسبة 45٪ مما جعله يخسر 34 مليار دولار.
تصدّر صندوق الثروة السنغافوري GIC البالغة قيمته 690 مليار دولار الصفقات، حيث أنفق ما يزيد قليلاً عن 39 مليار دولار في 72 صفقة، وتم استثمار أكثر من نصف هذا المبلغ في العقارات.
تلاه هيئة أبوظبي للاستثمار وصندوق الاستثمارات العامة السعودي.
كما جاءت شركة مبادلة للاستثمار في أبوظبي والشركة القابضة ADQ المراكز العشرة الأولى ، يليها جهاز قطر للاستثمار.
في الواقع، تمت خمسة من أكبر 10 استثمارات على الإطلاق من قبل الصناديق في عام 2022، بدءًا من يناير عندما أنفق صندوق آخر في سنغافورة، وهو تيماسك Temasek ، 7 مليارات دولار في شراء شركة إيليمنت ماتريلز.
في مارس ، وافق صندوق الثروة الكندي BCI على الاستحواذ على 60٪ من شركة نقل الغاز البريطانية.
أنفق صندوق الثروة الإيطالي CDP 4.4 مليار دولار.
على الصعيد العالمي، كان نشاط الصناديق المملوكة للدولة قوياً في عام 2022 حيث تم استثمار المزيد من رأس المال، وإن كان ذلك من خلال عدد أقل من الصفقات، مما كان عليه في عام 2021.
وأظهر التقرير أن الصناديق السيادية ضخت 261.1 مليار دولار في 747 صفقة في عام 2022، مقارنة بـ 229.9 مليار دولار من 890 صفقة خلال عام 2021، وهذا يعني أن صناديق الثروة السيادية استثمرت 38 في المائة أكثر على أساس سنوي ، مع 152.5 مليار دولار في 427 صفقة، في حين أن صناديق التقاعد العامة استثمرت 9 في المائة أقل، مع 108.6 مليار دولار في 320 صفقة.
جاء الأداء القوي للصناديق في تحد لاضطراب السوق العالمي الحاد العام الماضي.
بعد ثلاث سنوات من المكاسب، أنهت الأسواق الأميركية العام بأسوأ أداء سنوي لها منذ الأزمة المالية لعام 2008.
انخفض مؤشر S&P 500 القياسي، الذي يقيس أداء حوالي 500 شركة ، بنحو 20 في المائة في عام 2022.
فقد مؤشر ناسداك المركب، والذي يقيم أداء أكثر من 3000 ورقة مالية مدرجة في بورصة ناسداك، ثلث قيمته خلال العام.
أنهى مؤشر داو جونز الصناعي، الذي يقيس تحركات الأسعار اليومية لـ30 شركة أميركية كبيرة في ناسداك وبورصة نيويورك، منخفضًا بنحو 9.4 في المائة.
وأظهر التقرير أن الانخفاضات الحادة في أسواق الأسهم والسندات أدت ، لأول مرة ، إلى خفض القيمة الجماعية لصناديق الثروة السيادية العالمية وصناديق التقاعد العامة ، التي انخفضت بنسبة 6.5 في المائة إلى 31.4 تريليون دولار من عام 2021.
وقال التقرير: إذا استمرت الأسواق المالية في الانخفاض في عام 2023، فمن المحتمل أن تستمر الصناديق السيادية على نحو أضيق، لكنها ستتوسع أيضًا رغم ذلك.
تصدر جهاز أبوظبي للاستثمار، قائمة أكبر صناديق الثروة السيادية في الخليج العربي، والأكثر نشاطًا في الاستحواذ على شركات أجنبية.
جاء ذلك بدعم من التدفقات المالية الضخمة التي تلقاها الصندوق السيادي المعروف اختصارًا بـ” أديا ADIA” من عائدات النفط خلال 2022.
كما شهدت الصناديق السيادية الإماراتية، “مبادلة”، والقابضة إيه دي كيو ADQ، إلى جانب صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وجهاز قطر للاستثمار؛ نشاطًا زخمًا في عام 2022 بصفقات الاستحواذ على شركات أو عقارات أو بنية تحتية.
وتصدر جهاز أبوظبي للاستثمار قائمة الصناديق السيادية الخليجية، بحجم أصول 993 مليار دولار في 2022 بنمو سنوي يقدر بـ56%، وتركز نشاطه الأكبر في أميركا الشمالية.
كما جاء صندوق الثروة السيادي الأكبر في أبوظبي بالمرتبة الثالثة عالميًا، بعد شركة الصين للاستثمار (CIC) الصندوق السيادي الأكبر عالميًا بأصول 1.351 تريليون دولار، وصندوق التقاعد النرويجي (NBIM) بالمرتبة الثانية عالميًا بحجم أصول 1.145 تريليون دولار.
أخيرًا، قال التقرير: فيما يتعلق بالمناطق، نتوقع أن تكون آسيا، بشكل عام، وبعض الدول الناشئة ذات أهمية للمستثمرين السياديين، لكن رفع قيمة عملات العالم أو خفضها بشكل إضافي مقابل الدولار قد يؤثر على عمليات الصناديق”.
قال أندرو روزانوف، كبير مستشاري صناديق الثروة السيادية العالمية، إنه يجب على مستثمري الدولة الاستعداد للتحديات الرئيسية والاضطرابات المقبلة في عام 2023 ، وبالتحديد بسبب الإضطرابات السياسية.
وذكر إن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وقوة الدولار والركود الذي يلوح في الأفق وأزمات تكلفة المعيشة وتزايد عدم المساواة، إلى جانب المخاطر السياسية المحلية، تشير جميعها إلى مستويات أعلى بكثير من عدم اليقين والتقلب في الفترة المقبلة.
وقال التقرير إن توقعات الصناعة لعام 2023 لا تزال قاتمة وسط مخاوف متزايدة بشأن ركود جديد ومخاطرسياسية عالية في عالم متعدد الأقطاب.
ومع ذلك، من المقرر أن ينمو القطاع إلى 50 تريليون دولار بحلول عام 2030، ومن المحتمل أن يقود هذا القطاع صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية.