تبعات الأزمة الأوكرانية.. أسعار النفط تتجاوز كل التوقعات والاقتصاد الأوروبي يتجه للركود
محللون يرصدون استمرار الاتجاه الصعودي للأسعار وسط موجة تضخمية عالمية
كتب: محمد عوض
انتهى أسبوع آخر على ارتفاعات كبيرة لأسعار النفط في العالم، حيث وصل سعر خام برنت، إلى مستوى جديد، وفق ما ذكر محللون في صحيفة شنجهاي دايلي، الدولية الصينية.
يتوقع المحللون أن يستمر الاتجاه الصعودي لأسعار الطاقة مع تطور أزمة أوكرانيا، ومع تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين في جميع أنحاء العالم مدفوعًا بارتفاع التضخم.
ارتفاع الأسعار
ارتفع خام برنت 6.9 بالمائة ليغلق عند 118.11 دولار أميركي للبرميل في بورصة لندن للعقود الآجلة قبل أمس، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير 2013.
ولامس سعر الخام لفترة وجيزة 119.30 دولارًا قبلها يوم الخميس بنقطة واحدة، ليكون ذلك أعلى ارتفاع له منذ سبتمبر 2008.
زيادة متواضعة في الإنتاج
جاء الارتفاع في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وحلفاؤها أنها ستلتزم بالخطط الحالية لزيادة متواضعة في إنتاج النفط تبلغ 400 ألف برميل يوميًا في أبريل، على الرغم من حالة القلق الدولية وسط مخاوف من الأزمة الأوكرانية.
كذلك، قالت وكالة الطاقة الدولية IEA، أن أعضائها وافقوا على تحرير 60 مليون برميل من احتياطياتهم الطارئة لتخفيف أي نقص في الإمدادات ناجم عن الصراع الروسي الأوكراني.. لكن المحللين قالوا إن ذلك لايمكنه أن حل بأي حال الأزمة.
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تعد روسيا ثالث أكبر منتج وأكبر مصدر للنفط في العالم، وتمثل صادراتها التي تبلغ حوالي 5 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام ما يقرب من 12 بالمائة من التجارة العالمية.
لذلك، فإن أي مخاطر محتملة من قبل صادرات الطاقة الروسية يمكن أن لها تداعيات عالمية.
قال المحللون في إكس تي بي، وهي شركة وساطة أوروبية، إن الاتصالات اللوجستية وتوازن سوق النفط يعني أنه حتى خفض المعروض بمقدار 5 ملايين برميل يوميًا قد يكون له تأثير كبير على أسعار النفط.
وذكرت فيونا سينكوتا، المحللة المالية البريطانية في سيتي إندكس، إنه عندما فشلت وكالة الطاقة الدولية في خفض الأسعار، سلط ذلك الضوء على مدى المخاوف والاضطرابات التي يمكن أن تضرب سوق النفط في العالم.
أضافت: يمكن أن نقول أن زيادة المعروض من الوكالة ستساهم مؤقتًا في وقف ارتفاع الأسعار، ولكن هذا من المرجح أن يكون مؤقتة.. هناك حاجة إلى زيادة أكثر استدامة في العرض لخفض الأسعار.
ارتفاع معدلات التضخم
وتوقع المحللون استمرار تأرجح أسعار النفط المرتفعة وتداعيتها بسرعة، وذلك في ظل حالة من توتر المستثمرين نظرًا للغموض المحيط بالصراع الأوكراني، وقال روس مولد، مدير الاستثمار في إيه جي بيل، وهي منصة استثمار بريطانية: إن الشيئ الأكثر وضوحًا بالفعل من هذا كله هو حدوث التضخم.
وأضاف مولد بأن الأزمة الأوكرانية زادت من حدة الضغوط التضخمية التي تواجه العالم بالفعل، وفي نفس الوقت أعاقت استجابة البنوك المركزية، لأنها ستكون حذرة من أن تحدث تدخلاتها ردات عنيفة بشأن أسعار الفائدة في وقت يسوده عدم اليقين.
تسبب التضخم القياسي في حدوث مشكلات كبيرة للاقتصادات الأوروبية، حيث قال مكتب الإحصاء الأوروبي يوروستات: إنه مدفوعًا بارتفاع تكاليف الطاقة، فإن معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو سيصل إلى 5.8٪ في فبراير.
وبلغ معدل التضخم السنوي في بريطانيا مستوى مرتفعًا 5.5٪ في يناير، محطمًا بذلك الرقم القياسي المسجل منذ 30 عامًا، وفقًا لمكتب المملكة المتحدة للإحصاءات الوطنية.
وبحسب الصحيفة الدولية الصينة، فإن الأسوأ من ذلك، أن الأزمة الأوكرانية ستضيف نقطة مئوية واحدة للتضخم في منطقة اليورو هذا العام، حسبما قال كريستوفر ديمباك، رئيس قسم التحليل الكلي من بنك الاستثمار الدنماركي ساكسو بنك.
وقال محللون في شركة أبحاث آر إيه سي، إن أسعار الوقود في بريطانيا سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق في فبراير، مشيرين إلى أن ملء السيارة بالوقود صارت تكلف 83.14 جنيهًا إسترلينيًا، حوالي 110 دولارات، وذلك لسيارة عائلية سعة 55 لترًا، بزيادة 3 جنيهات عن بداية العام، وبأكثر بـ 15 جنيهًا قبل عام.
وذكرت الشركة إن ارتفاع الأسعار يرجع بالكامل إلى زيادة أسعار الوقود بالجملة بسبب ارتفاع أسعار النفط بمقدار 10 دولارات في فبراير.
شركات الطيران تواجه أزمة كبيرة
وحول ذلك، علق جوشوا وارنر، المحلل في سيتي إنديكس، إنه في مواجهة ما يحدث تتعرض شركات الطيران أيضًا لضغوط كبيرة، فبينما يتعين على القطاع الجوي تغيير مسار الرحلات بسبب حظر المجال الجوي، فإن الشركات بالتالي ستنفق أيضًا بشكل أكبر على التزود بالوقود بسبب ارتفاع أسعار النفط.. ومن المقرر أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار لتذاكر المسافرين.
الاقتصاد الأوروبي يتجه إلى الركود
وأدلى جون هاردي المحلل في ساكسو بنك برأيه واعتبر: إنه في الماضي، كان ارتفاع أسعار الطاقة عاملاً حاسمًا في دفع الاقتصادات إلى الركود. ويمكن القول إن أوروبا تتجه إلى الدخول في حالة ركود قصيرة على الأقل بعد استمرار ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء خلال هذا الشتاء.
من المتوقع على نطاق واسع أن يواصل خام برنت ارتفاعه، وقال كريس بوشامب، المحلل المالي: يبدو أن النفط يفوز في كلتا الحالتين، فإما أن يستمر الصراع وترتفع الأسعار بسبب مخاوف حدوث اضطرابات في الإمدادات، أو ينتهي الأمر وترتفع الأسعار قليلًا ثم تعاود الهبوط، مع استئناف الاقتصاد العالمي لانتعاشه وتعافي الطلب.
وختمت الصحيفة بقولها، إنه من الجدير بالذكر العلم بتباين آراء وتوقعات المحللين والخبراء حول السعر الذي يمكن أن يصله سعر برميل النفط، فبحسب البعض، قد يصل السعر للذروة عند عتبة 120 دولارًا أو حتى 125 دولارًا، وهي مرحلة المقاومة الرئيسية التالية، بينما هناك محللون رجحوا احتمال أن يصل السعر للبرميل 180 دولارًا أو حتى وصوله إلى 200 دولار في أسوأ السيناريوهات.