خبراء: إلغاء شهادات الـ27% يمهد لتحول اقتصادي واسع وتوجيه السيولة للقطاعات الإنتاجية
أثارت قرارات بنكي الأهلي المصري ومصر بشأن وقف إصدارات جديدة من الشهادات البلاتينية ذات العائد المرتفع بنسبة 27% بعض الجدل بالسوق المصرية عن أسباب الوقف وتأثير ذلك على النظام الإقتصادي المصري.
وكان قد أعلن بنكا الأهلي المصري ومصر وقف إصدار الشهادات البلاتينية ذات العائد المرتفع بنسبة 27%، وذلك عقب قرار البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 225 نقطة أساس، لتستقر عند 25% للإيداع و26% للإقراض، كما يأتي ذلك في خطوة تعكس تحولًا جوهريًا في السياسة النقدية المصرية.
مرحلة اقتصادية جديدة
ويرى محمود جمال سعيد، الخبير الاقتصادي، أن وقف إصدار هذه الشهادات يمثل بداية لمرحلة اقتصادية جديدة تهدف إلى إعادة توجيه السيولة من الأدوات الادخارية قصيرة الأجل إلى القطاعات الإنتاجية، مما يعزز النمو الاقتصادي طويل الأجل ويشجع على الاستثمار المباشر.
وأشار سعيد إلى أن وقف شهادات العائد المرتفع سيساعد في خفض تكلفة الاقتراض داخل السوق، وهو ما يوفر بيئة أفضل لتوسع الشركات الصغيرة والمتوسطة. واستشهد بتقرير البنك الدولي لعام 2024، الذي أشار إلى أن خفض تكلفة التمويل بنسبة 2% يمكن أن يرفع استثمارات القطاع الخاص بنسبة 4% في الأسواق الناشئة.
وأضاف أن القرار سيساهم في تقليل الأعباء التمويلية على البنوك والحكومة، لافتًا إلى تحليل أعدته “بلومبرج”، توقّع أن يؤدي خفض عوائد أدوات الدين بمقدار 2 إلى 3% إلى توفير نحو 50 مليار جنيه سنويًا، يمكن إعادة توجيهها لمشروعات تنموية ذات أولوية.
وربط سعيد بين توجيه السيولة نحو الاستثمار الإنتاجي واستقرار سوق العملات الأجنبية، مشيرًا إلى تقرير نشرته “رويترز” في أبريل 2025، يربط بين استقرار سعر الصرف وتقليص الاعتماد على أدوات الدين قصيرة الأجل.
توقعات بنمو الصناعات التحويلية والقطاع الزراعي
وتوقع سعيد أن تشهد الصناعات التحويلية، خصوصًا في مجالات الإلكترونيات والمنسوجات، نموًا لافتًا مع تحسن فرص التمويل، موضحًا أن 60% من الشركات الصناعية الصغيرة تعاني من مشاكل تمويل مزمنة، بحسب تقرير غرفة الصناعات الهندسية لعام 2024.
كما أشار إلى أن القطاع الزراعي سيستفيد من زيادة التمويل، خصوصًا مع الطلب العالمي المتزايد على المنتجات المصرية مثل الحمضيات والفراولة، في ضوء توقعات “فيتش” بأن تصل مساهمة القطاع الزراعي إلى 12% من الناتج المحلي في 2025.
وفيما يخص قطاع الطاقة المتجددة، رأى سعيد أن تراجع تكلفة التمويل يفتح الباب أمام استثمارات جديدة في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح، بما يتماشى مع هدف الدولة برفع حصة الطاقة النظيفة إلى 42% بحلول 2030.
دور الشهادات ذات العائد المرتفع في امتصاص السيولة
ومن جانبه أكد محمد السيد، الخبير المصرفي، أن شهادات الادخار بعائد 27% التي طرحها البنك الأهلي المصري وبنك مصر في يناير 2024، قد انتهى دورها رسميًا، ولن يتم تجديدها أو إصدار بدائل مماثلة بعوائد مرتفعة خلال الفترة المقبلة
وأوضح السيد أن هذه الشهادات كانت أداة استثنائية مؤقتة، استُخدمت لامتصاص السيولة من السوق، واحتواء معدلات التضخم المرتفعة، إلى جانب دعم استقرار الجنيه المصري في ظل اضطرابات حادة شهدها سعر الصرف آنذاك.
وأضاف أن طرح شهادات جديدة بعوائد مرتفعة أمر مستبعد حاليًا، في ظل توجه البنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة، بعد التراجع الملحوظ في معدلات التضخم، وعودة الاستقرار لسوق الصرف. ونصح السيد المواطنين بضرورة مراجعة تواريخ استحقاق شهاداتهم الحالية، والتوجه إلى فروع البنوك للاستفسار عن الخيارات المتاحة، مشددًا على أهمية تنويع أدوات الادخار بما يتناسب مع السياسات النقدية الجديدة والتحولات الاقتصادية الراهنة
وكان قال محمد الاتربي الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري، صباح اليوم، إن لجنة الأليكو بالبنك اجتمعت صباح اليوم وقررت إيقاف إصدار الشهادات البلاتينية السنوية بكافة دورياتها، وتخفيض العائد على الشهادات البلاتينية – 3 سنوات – بكافة دورياتها بقيمة 2%.
وأضاف الاتربي، أنه تم تخفض العائد على الشهادة البلاتينية ذات العائد المتغير بنحو 2.25%.
كما قرر بنك مصر وقف العمل بشهادة طلعت حرب ذات العائد المرتفع 23.5% للعائد الشهري و27% للعائد السنوي بداية من يوم الأحد المقبل على غرار البنك الأهلي المصري.
وأعلن بنك مصر، وفق بيان له اليوم، أن لجنة الأصول والخصوم ببنك مصر “ألكو” قررت خلال اجتماعها الأخير، اجراء بعض التعديلات علي الشهادات الادخارية التي تسري اعتباراً من يوم الأحد الموافق 27 أبريل 2025، كما قرر البنك إيقاف إصدار شهادة “طلعت حرب” السنوية ذات العائد الثابت بجميع دوريات صرف العائد.
وشملت التعديلات أيضاً خفض العائد على شهادة “ابن مصر” ذات العائد الثابت المتناقص لمدة ثلاث سنوات بنسبة 2%، بمختلف دوريات الاستحقاق، وكذلك خفض العائد علي شهادة القمة الثلاثية ذات العائد الثابت بنسبة 2%.
