
توقع خبراء مصرفيون أن تقوم لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الثامن والأخير لعام 2025 اليوم الخميس، بخفض أسعار الفائدة بمعدل يتراوح بين 1 و1.5%.
ويأتي هذا الاجتماع في ظل ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.5% في نوفمبر 2025 مقابل 12.1% في أكتوبر، بينما شهد المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر تباطؤًا ليصل إلى 12.3% في نوفمبر مقارنة بـ12.5% في أكتوبر من العام نفسه.
ويذكر أن البنك المركزي المصري قد قرر منذ بداية 2025 تخفيض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة 6.25%، ليصل معدل عائد الإيداع إلى 21% والإقراض إلى 22%.
كما أصدر البنك توقعاته المستقبلية للوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى استمرار انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام نحو مستهدفه المعلن.
وأفاد تقرير السياسة النقدية للربع الثالث من 2025 بأن المعدل السنوي للتضخم العام مرشح للانخفاض تدريجيًا نحو الهدف المركزي البالغ 7% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط بحلول الربع الرابع من 2026، في إطار مسار هبوطي متوقع يعكس انخفاض التضخم من متوسط 28.3% في 2024 إلى 14% في 2025، ثم إلى 10.5% في 2026.
ومن جانبها رجَّحت الخبيرة الاقتصادية والمصرفية ونائب رئيس بنك مصر سابقًا، الدكتورة سهر الدماطي، أن يُعلن البنك المركزي المصري اليوم الخميس عن خفض جديد لأسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بنحو 150 نقطة أساس، معبرة عن دعمها للآراء التي تشير إلى هذا الاتجاه.
وأوضحت الدماطي أن قرار التخفيض يستند إلى التحسن الملحوظ في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وعلى رأسها استمرار انخفاض معدل التضخم، الذي يُعد المؤشر الأهم الذي تنظر إليه لجنة السياسة النقدية عند اتخاذ قراراتها بشأن الفائدة.
كما أكدت أن استقرار سعر الصرف وتأجيل تخفيف الدعم على الكهرباء والغاز يزيد من احتمالات تنفيذ هذا الخفض، مع توقع استمرار التضخم في المسار النزولي بعد تطبيق هذه الإجراءا
ومن جانبه رجح الخبير المصرفي ورئيس بنك التنمية الصناعية سابقًا، ماجد فهمي، أن يشهد اجتماع لجنة السياسة النقدية الأخير لعام 2025 خفضًا محدودًا للفائدة من قبل البنك المركزي المصري، قد لا يتجاوز 50 نقطة أساس، مشيرًا إلى أن خيار التثبيت قد يكون الأكثر ملاءمة في الوقت الحالي.
وأوضح فهمي أن قرار اللجنة يأتي في ظل مجموعة من المحددات والمتغيرات الداخلية والخارجية، حيث تشير التوقعات العامة إلى إمكانية خفض الفائدة، لكن اللجنة تواجه تحديات أبرزها حركة الأموال الساخنة.
وأضاف أن الوضع العالمي يدعم التيسير النقدي، خاصة مع استمرار البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها البنك الفيدرالي الأمريكي، في خفض الفائدة، مع توقعات بخفض إضافي بنحو 100 نقطة خلال العام المقبل.
وأشار الخبير إلى أن خفض الفائدة في مصر يُعزز من توجه الدولة لدعم الإنتاج والتصدير والاستثمار، بما يسهم في زيادة أرصدة الاحتياطي النقدي واستقرار المالية العامة.
كما أن التيسير الكمي سيقلل الأعباء على الموازنة العامة ويخفض تكاليف التمويل.
وأضاف أن مستويات الفائدة الحالية لا تزال مرتفعة نسبيًا، وبالتالي حتى مع أي خفض جديد سيظل العائد على الشهادات والأوعية الادخارية للبنوك وأذون الخزانة المصرية منافسًا على الصعيدين المحلي والدولي.
وقال الخبير المصرفي الدكتور هاني أبو الفتوح إن قرار البنك المركزي بخفض الفائدة 100 نقطة أساس في الاجتماع السابق كان بمثابة إشارة إلى تبني سياسة تيسيرية محسوبة، مع مراعاة الضغوط السعرية القائمة.
وأضاف أن الأسواق تترقب اجتماع ديسمبر وسط ارتفاع شهري للتضخم بنسبة 1.8%، مما يشكل تحديًا أمام أي خفض سريع للفائدة.
وأوضح أبو الفتوح أن هذا الارتفاع في التضخم مدفوع بعوامل غير مؤقتة، مثل أسعار الغذاء والخدمات، مما يجعل الرهان على تباطؤ تلقائي للتضخم غير واقعي، محذرًا من أن الإفراط في خفض الفائدة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع.
ورغم النمو الاقتصادي المقبول، فإن فجوة الإنتاج لا تبرر تيسيرًا نقديًا مفرطًا، خاصة مع وجود تضخم مستورد لا يرتبط بالنشاط المحلي، حيث يمكن أن يؤدي الخفض المبالغ فيه إلى تعميق الاختلالات.
وأشار إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو التثبيت أو خفض محدود لا يتجاوز 50 نقطة أساس، بينما يبقى خفض أكبر بين 75 و100 نقطة أساس مستبعدًا حاليًا بسبب تسارع التضخم.
وأضاف أنه يتفق مع توقعات وكالة فيتش، التي رجحت أن ينخفض سعر الفائدة إلى 21% بنهاية 2025، ثم إلى 11.25% خلال 2026، مع توقع نمو الاقتصاد المصري بين 4.3% و5% سنويًا خلال الفترة من 2027 إلى 2034، مدفوعًا بانحسار التضخم وتحسن مؤشرات النمو.
وحذر أبو الفتوح من أن أكبر المخاطر تتمثل في احتمالات ارتفاع أسعار الطاقة أو تراجع قيمة العملة، مؤكدًا أن السيطرة على التضخم تبقى شرطًا أساسيًا لتعافي الاقتصاد، وأن أي خفض للفائدة يجب أن يضمن استقرار الأسعار.





