
القطاع العقاري يستعد لتبعات خفض أسعار الفائدة.. كيف ستتعامل الشركات؟
يستعد السوق العقاري خلال الفترة الحالية لمرحلة خفض أسعار الفائدة، والتبعات التي ستنجم عنها، خاصة وأن هناك قرارات أخرى بالخفض وفق توقعات المؤسسات والمراكز البحثية، خلال الاجتماعات المقبلة التي سيعقدها البنك المركزي المصري في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر، وهو ما سيكون له أثارا واضحة على السوق، سواء على المبيعات التي كانت تتم لعملاء بغرض الاستثمار، أو عمليات التسعير الخاصة بوحدات المراحل الجديدة.
قررت لجنة السياسة النقدية الخميس الماضي، خفض أسعار الفائدة، بمقدار 200 نقطة أساس، في خامس اجتماعاتها بالعام الجاري، حيث حددت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 22.00% و23.00% و22.50%، على الترتيب.
واستبقت عدة شركات عقارية تلك التغيرات بالبدء في استراتيجيات تسويقية جديدة، سواء ما يتعلق بفترات السداد، أو تقديم مزايا إضافية لتجنب خفض الأسعار وعدم الإضرار بعملاء المراحل السابقة، إلى جانب تسريع وتيرة الإنشاءات واللجوء إلى الاقتراض للاستفادة من تراجع معدلات الفائدة، فيما تخطط شركات أخرى إلى تقديم منتجات عقارية تتناسب مع الشريحة المتوسطة والتي سيزداد إقبالها على الشراء، للاستفادة من العقار باعتباره الملاذ الآمن للاستثمار، لكن المحور الأهم يتمثل في الأسعار وهل ستشهد انخفاضا أم لا، وهو ما سنتعرف عليه في السطور المقبلة.
المهندس طارق شكري رئيس غرفة التطوير العقاري في اتحاد الصناعات، قال إن أسعار العقارات ترتبط بالعديد من المحاور والمدخلات، منها بالطبع الدولار، لكن هناك مدخلات أخرى هامة مثل أسعار الأراضي، والتي تمثل أكثر من 40% من تكلفة المشروع، مشيرا إلى أنه مع انخفاض الفائدة فإن أعباء أقساط الأراضي ستنخفض، لكنها ستظل مرتفعة نظرا لأن سعر الأراض زاد بمعدلات كبيرة خلال السنوات الماضية.
وأضاف أن الشركات العقارية ستركز خلال الفترة المقبلة على جذب العملاء بغرض الاستثمار، إذ أن الفوائد البنكية انخفضت، وبالتبعية شهادات الادخار هي الأخرى تم خفض الفائدة عليها، مما سيدفع كثيرين نحو الاستثمار العقاري، وسيكون واضحا للجميع مدى النشاط في حركة البيع والشراء الذي سيشهده السوق، لكن الأهم من ذلك هو كيفية تلبية طلبات تلك الشريحة من العملاء بالعروض التسويقية الجاذبة، وعدم الإضرار بالعملاء السابقين.
ولفت شكري إلى أن حصول المطورين على تمويلات تساعدهم على التوسع وإطلاق مشروعات جديدة، سيكون محور هام ومحرك للسوق، كما أن الاقتراض بغرض إنجاز المشروعات سيؤثر أيضا بصورة أخرى، إذ سيكون هناك وحدات قابلة لدخولها تحت منظومة التمويل العقاري، وبالتالي فإن الشركات التي لديها محفظة وحدات جاهزة ستستفيد بصورة كبيرة من خفض أسعار الفائدة.
ومن جانبه قال ريمون عهدي الرئيس التنفيذي لشركة وادي دجلة للتنمية العقارية، إن السوق سيشهد تغيرا كبيرا في شكله خلال الفترة المقبلة مع استمرار التراجع في أسعار الفائدة، إذ هذه المتغيرات ستؤدي إلى تزايد ملحوظ في الطلب على الشراء بالتقسيط، لا سيما في مشروعات الإسكان المتوسط، ما يدفع العديد من الشركات إلى إعادة هيكلة أنظمة السداد والعروض التمويلية لمواكبة هذا التحول، مشيرا إلى أنه وسط ذلك لا يمكن إنكار أن الشركات لا تزال تواجه تحديات في التسعير.
وأشار عهدي إلى أن انخفاض أسعار الفائدة يُعد خطوة إيجابية لتحفيز السوق العقاري، حيث يسهم في تعزيز قدرة العملاء على الشراء، ما يرفع من وتيرة المبيعات وينعش حركة السوق بشكل عام، كما أنه سيقلل تكلفة الاقتراض على المطورين ويحسن الجدارة الائتمانية، مما يتيح فرصًا أكبر للتوسع وتطوير المشروعات الجديدة.
وفي سياق متصل قال المهندس شريف عثمان رئيس مجلس إدارة شركة جراند بلازا للاستثمار العقاري والسياحي، إن الأشهر الماضية شهدت تباطؤ واضح في المبيعات العقارية، نظرا لتأثر القدرات الشرائية للعملاء، وعدم وجود بدائل تمويلية، الأمر الذي دفع الشركات إلى زيادة فترات السداد، وتقليل الدفعات المقدمة، لكن ذلك لم يكن كافيا لدفع السوق.
وتابع أنه مع استمرار الخفض في أسعار الفائدة، ومع توقعات بأن هناك خفضا بنسبة لن تقل عن 5% خلال الاجتماعات المقبلة التي سيعقدها البنك المركزي المصري، فإن كلا من الذهب والعقارات سيكونا الأكثر استفادة، إذ ستتحول بوصلة أصحاب المدخرات إلى شراء الذهب أو وحدات عقارية تتناسب مع إمكانياتهم، الأمر الذي ستسعى الشركات العقارية إلى الاستفادة منه بتقديم منتجات جديدة وخاصة في الأنشطة التجارية والإدارية، لأنها الأكثر جذبا لتلك الشريحة من العملاء.