
سجلت أسعار النحاس مستوى قياسيًا جديدًا، بعد أن تجاوزت حاجز 12 ألف دولار أمريكي للطن لأول مرة منذ عام 2009، مدعومة بعوامل تتعلق بعجز المعروض وتنامي الطلب العالمي.
وارتفعت أسعار النحاس في بورصة لندن للمعادن (LME) بنسبة 2% لتصل إلى 12.159 ألف دولار للطن، ليتجه المعدن إلى تحقيق مكاسب سنوية تتجاوز 35%، وهي أكبر زيادة سنوية منذ أكثر من 15 عامًا.
وجاء هذا الارتفاع مدفوعًا بتراجع الإمدادات، بعدما خفضت كبرى شركات التعدين توقعات الإنتاج، وسط تحذيرات من دويتشه بنك بتراجع الإنتاج العالمي للنحاس بنسبة 3% خلال عام 2025، مع احتمالات استمرار الانخفاض خلال عام 2026.
كما ساهمت التهديدات بفرض رسوم جمركية أمريكية جديدة في تسابق المستوردين لتأمين الشحنات وتكديسها داخل المستودعات الأمريكية، ما عزز الضغوط الصعودية على الأسعار.
في الوقت نفسه، عززت التوقعات بزيادة الطلب المرتبط بمشروعات التحول الكهربائي والتوسع في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي من وتيرة الصعود، في ظل الاحتياجات المتزايدة للطاقة وتحديث شبكات الكهرباء.
وفي هذا السياق، حذر بنك مورجان ستانلي من أن سوق النحاس يواجه أحد أشد أوضاع العجز في المعروض منذ أكثر من 20 عامًا، متوقعًا أن يتجاوز الطلب العالمي حجم الإنتاج بنحو 600 ألف طن خلال عام 2026، وفقًا لتقرير نقلته وكالة بلومبرج.
وقال أيمن الشاهد، المحلل المالي بشركة مباشر لتداول الأوراق المالية والسندات، إن الارتفاعات القياسية في أسعار النحاس ستنعكس بدرجات متفاوتة على عدد من الصناعات المحلية، في مقدمتها الأسلاك والكابلات، والأدوات الصحية، والأجهزة الإلكترونية والمنزلية، وصناعة السيارات، نظرًا لاعتمادها الكبير على المعدن الأحمر كمدخل إنتاج رئيسي.
وأوضح الشاهد أن النحاس يشكل ما لا يقل عن 70% من الخامات الأساسية المستخدمة في تصنيع الأدوات الصحية، وفقًا لبيانات شعبة الأدوات الصحية بغرفة القاهرة التجارية، ما يجعل هذا القطاع من أكثر القطاعات تأثرًا بتقلبات الأسعار العالمية.
وأضاف أن أي ارتفاع في أسعار النحاس عالميًا بنسبة تتراوح بين 25% و30% يؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج بنسب تتراوح بين 15% و25%، مع اختلاف التأثير من شركة لأخرى بحسب درجة الاعتماد على النحاس وحجم المخزون المتاح.
وأشار إلى أن غالبية الشركات المُصنّعة لا تستطيع استيعاب زيادات في أسعار النحاس تتجاوز 30%، ما يدفعها إلى تمرير جزء من هذه الزيادات إلى المستهلك النهائي خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن هذا التأثير يظل متفاوتًا بين الصناعات المختلفة وفقًا لمفهوم المرونة السعرية للطلب.
ولفت الشاهد إلى أن بعض الشركات بدأت بالفعل في اتخاذ إجراءات تسعيرية، موضحًا أنه في 24 ديسمبر 2025 رفعت شركة السويدي للكابلات، التابعة لمجموعة السويدي إليكتريك (SWDY)، أسعار توريدات لفائف الأسلاك النحاسية للمصنعين المحليين في قطاع الإلكترونيات بنسبة 5%، جرى تنفيذها تدريجيًا على ثلاث مراحل، استجابةً للارتفاعات القياسية في أسعار النحاس عالميًا.





