
أكدت رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن مصر اتخذت نهجًا استباقيًا في تعزيز إدارة الديون المستدامة، عبر الاستفادة من أدوات مبتكرة وشراكات استراتيجية، منها تنفيذ برنامجي مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا بقيمة تجاوزت 900 مليون دولار، إلى جانب اتفاق يعد الأول من نوعه مع الصين.
وأوضحت المشاط أن هذه البرامج نجحت في إعادة توجيه التزامات السداد نحو القطاعات ذات الأولوية، مثل الصحة والتعليم والعمل المناخي، مما ساهم في مواءمة التمويل الخارجي مع أهداف التنمية الوطنية.
الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل
قالت الوزيرة إن مصر أطلقت الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل (E-INFS) بهدف تعبئة التمويل المستدام، وسد الفجوات التنموية، وتقليل المخاطر المالية والديون المستقبلية، ضمن إطار وطني منظم وشامل.
اتفاق مبادلة الديون مع الإمارات
أشارت المشاط إلى أن الاتفاق التاريخي مع دولة الإمارات يمثل نقلة نوعية في مبادلة الديون بالاستثمارات، بما يحفّز جهود جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويخفض الأعباء التمويلية، بالتوازي مع التوسع في أدوات التمويل المستدام مثل السندات الخضراء والتمويل الأزرق.
دعوة لإصلاح النظام المالي العالمي
أكدت الوزيرة في كلمتها خلال جلسة بعنوان «حلول الديون من أجل الصمود والإصلاح» ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إسبانيا، على ضرورة وجود نظام مالي عالمي أكثر مرونة يركّز على التنمية، ويمنح أولوية لنهج عادل وشفاف في إدارة الديون السيادية.
وشددت على أهمية تعزيز آليات تسوية شاملة وعادلة للديون تعتمد على أطر متعددة الأطراف تعالج القيود التي تفرضها التسويات المجزأة الحالية.
مبادئ الإقراض والاقتراض المسؤول
دعت المشاط إلى تبنّي مبادئ معتمدة عالميًا للإقراض والاقتراض المسؤول، بما في ذلك تفعيل آلية تجميد السداد التلقائي خلال الأزمات، وخفض تكاليف ومخاطر الاقتراض، وتوسيع نطاق استخدام أدوات تمويل مبتكرة مثل السندات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة.
وأكدت ضرورة تصميم أدوات مبادلة الديون بالمناخ والتنمية بشكل منصف ومتوافق مع أولويات التنمية الوطنية للدول النامية.
منصة نُوَفِّي
استعرضت المشاط تجربة مصر في إطلاق المنصة الوطنية لبرنامج نُوَفِّي عام 2022، والتي تهدف إلى حشد التمويلات التنموية لتمكين مشاركة القطاع الخاص في مشروعات التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ، من خلال آليات التمويل المبتكر وضمانات الاستثمار.
وأشارت إلى أن مصر نجحت خلال الفترة من 2020 وحتى مايو 2025 في حشد 15.6 مليار دولار لصالح تمويل القطاع الخاص، منها 4 مليارات دولار لمشروعات منصة “نُوَفِّي”.
أهمية تحليل استدامة الدين
أكدت المشاط أن تحديث تحليل استدامة الدين (Debt Sustainability Analysis) يعد عملية حاسمة لتقييم قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها دون الوقوع في أزمة ديون، مشيرة إلى ضرورة أن تقوم بنوك التنمية متعددة الأطراف بتعزيز سيولتها من خلال استخدام حقوق السحب الخاصة وآليات رأس المال المختلط لدعم الدول في مواجهة التحديات العالمية.
المشاركة في منتدى الأونكتاد
شاركت الوزيرة كذلك في منتدى نظمه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) لمناقشة أزمة الديون العالمية، حيث أشادت بتقرير الأونكتاد الذي يتجاوز مجرد التشخيص ليقدم خطة تنفيذية واقعية لمعالجة الأزمة.
اختتمت المشاط مداخلتها بالتأكيد على أهمية أن تتبادل الدول الناجحة في إدارة الدين تجاربها، بما يشمل الهيكل المؤسسي والحوكمة الداخلية، مؤكدة أن الدعم الفني يجب أن يتجاوز المفهوم التقليدي إلى دعم مالي حقيقي، وأن يتم تجميع الجهود داخل منصة مشتركة توفر قيمة مضافة حقيقية لجميع الأطراف المعنية.