
قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن عام 2026 سيكون نقطة تحول حاسمة في مسار الاقتصاد المصري، استنادًا إلى التطورات الإيجابية التي شهدها العام المالي الماضي وزيادة معدلات النمو مدعومًا بتسريع وتيرة الإصلاحات وتحسين بيئة الأعمال، واستمرار برامج الحماية الاجتماعية، والتأمين الصحي الشامل، وتوسيع التعليم الفني والتدريب المهني.
كما توقعت استمرار تحسن أداء قناة السويس وقطاع النفط والغاز، وتحقيق السياحة لأرقام قياسية جديدة تعزز النمو الشامل.
جاء ذلك خلال مشاركتها في منتدى «انتربرايز مصر 2025» تحت عنوان «تهيئة مستقبل الأعمال المصرية»، في إطار تعزيز التواصل مع القطاع الخاص ومجتمع الأعمال واستعراض ركائز «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية».
برنامج إصلاح اقتصادي شامل
أكدت الوزيرة أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» تمثل برنامج إصلاح اقتصادي جديد، لا يقتصر على المحور المالي فحسب، بل يشمل قطاعات الاقتصاد الحقيقي ويعتمد على جدول زمني واضح لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية. وأوضحت أن الحكومة تستهدف التحول إلى القطاعات الأعلى إنتاجية بمشاركة رئيسية من القطاع الخاص، بما يدعم زيادة الصادرات ويفتح أسواقًا جديدة مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي عبر السياسات المالية والنقدية وحوكمة الاستثمارات العامة.
تعافٍ في الناتج المحلي ومصادر نمو جديدة
أشارت المشاط إلى أن الإصلاحات المالية والنقدية التي أُجريت في مارس 2024 جاءت بعد تحديات عالمية، وأسهمت في تعزيز التعافي الاقتصادي، حيث بلغ معدل النمو 4.4% خلال العام المالي 2024/2025، وارتفع إلى 5% في الربع الأخير. وأكدت أن مصادر النمو الرئيسية جاءت من قطاعات الصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، بينما سجلت قطاعات أخرى مثل قناة السويس معدلات سلبية مؤقتة.
وأضافت أن النمو الصناعي يقوده عدد من الصناعات الحيوية مثل الأدوية والمركبات والمنسوجات والكيماويات، ما يعزز تنويع القاعدة الإنتاجية وزيادة القيمة المضافة للاقتصاد المصري.
دور قطاع السياحة في دعم النمو
أوضحت الوزيرة أن قطاع السياحة المصري يستفيد من التطوير الكبير للبنية التحتية، مشيرة إلى أن افتتاح المتحف الكبير في نوفمبر المقبل سيشكل دفعة قوية لجذب السياحة العالمية، وتحقيق أرقام قياسية جديدة في عدد الزوار والإيرادات.
مشاركة قوية للقطاع الخاص
كشفت المشاط أن 57% من إجمالي الاستثمارات في العام المالي الماضي جاءت من القطاع الخاص، بفضل التزام الحكومة بسقف الاستثمارات العامة وتوجيهها للقطاعات ذات الأولوية، إضافة إلى الإصلاحات المستمرة لتهيئة بيئة أعمال أكثر تنافسية وتحقيق الحياد بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.
ثلاث ركائز للإصلاح الهيكلي
أوضحت المشاط أن الإصلاح الهيكلي في مصر يستند إلى ثلاث ركائز رئيسية:
الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، تعزيز التنافسية وزيادة مشاركة القطاع الخاص، والتحول الأخضر. وأضافت أن «السردية الوطنية» تتضمن أكثر من 100 إصلاح هيكلي تم تنفيذها أو يجري تنفيذها لتعزيز بيئة الأعمال وتحقيق النمو المستدام.
التعليم وسوق العمل
أشارت الوزيرة إلى أن خطة الإصلاح الاقتصادي تتضمن فصلًا خاصًا بكفاءة سوق العمل وربطه باحتياجات القطاعات الإنتاجية، من خلال التوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية وبرامج التدريب المهني بالشراكة مع القطاع الخاص، بما يضمن تزويد سوق العمل بمهارات حديثة وشهادات معتمدة تواكب التحول الصناعي.
الاستثمارات الإقليمية والتمويل الدولي
أكدت المشاط أن العديد من الشركات العاملة في مصر تستفيد من التمويلات الميسرة التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، مشيرة إلى أن القطاع الخاص المصري حصل خلال السنوات الأربع الماضية على أكثر من 16 مليار دولار في شكل تمويلات واستثمارات مباشرة وخطوط ائتمان.
التحول الأخضر وتمويلات برنامج “نُوَفِّي”
تحدثت الوزيرة عن المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي» (NWFE) التي تستهدف جذب استثمارات لمشروعات المياه والغذاء والطاقة، بدعم من بنوك ومؤسسات دولية كبرى، مؤكدة أن هذه الجهود أسهمت في تمويل مشروع جديد في نجع حمادي لتغذية مجمع مصر للألومنيوم بالطاقة المتجددة بالتعاون مع شركة سكاتك النرويجية.
ضمانات استثمارية وتحفيز التمويل الأوروبي
وأضافت أن وزارة التخطيط تعمل على توسيع نطاق التمويلات عبر الشراكات مع الاتحاد الأوروبي، حيث تبلغ ضمانات الاستثمار نحو 1.8 مليار يورو، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري.
استقرار السياسات النقدية والمالية
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة والتضخم، أوضحت المشاط أن وضوح السياسات الاقتصادية والمالية يمثل الركيزة الأساسية لاستمرار تدفق الاستثمارات. وأكدت أن التكامل بين السياسات المالية والنقدية وحوكمة الاستثمارات العامة يضمن استدامة الاستقرار الاقتصادي الكلي ومواصلة التعافي في معدلات النمو المحلي.