تراجعت واردات مصر من القمح خلال النصف الأول من 2025 بنسبة تقارب الربع على أساس سنوي، لتصل إلى 5.2 مليون طن، مقارنة بـ6.8 مليون طن خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب وثيقة حكومية حصلت عليها “الشرق بلومبرج”.
أسباب التراجع في استيراد القمح
أرجع مسؤول حكومي في تصريحات لـ”الشرق” تراجع واردات القمح إلى عدة عوامل رئيسية، على رأسها التوترات الجيوسياسية التي أثّرت بشكل مباشر على عمليات الشحن، بالإضافة إلى زيادة المساحات المزروعة بالقمح محليًا، وارتفاع معدلات التوريد من الفلاحين للحكومة.
ارتفاع توريد القمح المحلي
أظهرت الوثيقة التي اطلعت عليها “الشرق” أن مشتريات الحكومة من القمح المحلي ارتفعت بنسبة 18% منذ 15 أبريل الماضي وحتى الآن، لتسجل 3.9 مليون طن، في حين تستهدف الحكومة الوصول إلى 4.5 مليون طن من التوريد المحلي خلال الموسم الجاري.
مصر أحد أكبر مستوردي القمح عالميًا
تُعد مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح على مستوى العالم، وتُتابَع مشترياتها عن كثب كمؤشر مرجعي للأسواق العالمية. وعادة ما تستورد البلاد نحو 12 مليون طن سنويًا للقطاعين الحكومي والخاص.
الواردات الاستثنائية في 2024
أوضح المسؤول الحكومي أن تراجع واردات القمح في النصف الأول من 2025 يعود أيضًا إلى أن العام الماضي شهد “واردات استثنائية”، إذ تعاقدت مصر على كميات كبيرة من القمح غير معتادة مقارنة بالسنوات السابقة، بهدف تكوين احتياطي استراتيجي كبير.
يُذكر أن واردات مصر من القمح قفزت خلال عام 2024 لأعلى مستوى لها منذ عقد، مسجلة 14.2 مليون طن بزيادة سنوية بلغت 31%، بحسب وثيقة رسمية سابقة.
روسيا في صدارة الدول الموردة للقمح
أشارت الوثيقة الأحدث إلى أن روسيا جاءت في المرتبة الأولى ضمن قائمة الدول المصدّرة للقمح إلى مصر في الفترة من يناير إلى يونيو 2025، بحصة بلغت 62% من إجمالي الواردات، وبكميات تجاوزت 3.2 مليون طن.
وجاءت أوكرانيا في المركز الثاني بحجم بلغ 1.3 مليون طن، ثم رومانيا بنحو 301 ألف طن، وبلغاريا بـ153 ألف طن، وفقًا للبيانات الحكومية.
نقل مسؤولية الاستيراد إلى جهاز مستقبل مصر
في خطوة غير متوقعة خلال ديسمبر الماضي، قررت الحكومة المصرية نقل اختصاص استيراد القمح من هيئة السلع التموينية إلى “جهاز مستقبل مصر”، الذي أصبح المستورد الحصري للحبوب.
يُذكر أن “جهاز مستقبل مصر” تأسس في عام 2022 بقرار رئاسي ويتبع القوات الجوية، ويعمل تحت إشرافها، إلا أن القرار لم يُنشر رسميًا في الجريدة الرسمية حينها.
تأثير التوترات على سلاسل الإمداد
قال هشام سليمان، مدير شركة “ميدترنين ستار” المتخصصة في التجارة واستيراد الحبوب، في تصريحات لـ”الشرق”، إن التوترات الجيوسياسية تسببت في أزمات لوجستية تتعلق بالإمداد والنقل، مما أدى إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن والتأمين.
وأوضح أن هذه العوامل أثّرت كذلك على صادرات مصر من دقيق القمح والمكرونة، ما ساهم في تقليص كميات القمح المستوردة التي كانت تُخصص لهذه الصناعات.
أكبر تراجع في الواردات منذ 8 سنوات
أشار سليمان إلى أن التراجع في واردات القمح خلال النصف الأول من 2025، والذي بلغ نحو 1.6 مليون طن مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، يُعد أكبر انخفاض يُسجّل منذ نحو 8 سنوات.
وأضاف أن التراجعات السنوية في العادة تكون طفيفة، ولكن ما حدث في 2025 يُعتبر استثنائيًا من حيث الحجم والتأثير.
