
قرر البنك المركزي المصري خفض سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 21.00% و22.00% و21.50% على الترتيب. كما قرر خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 21.50%.
يأتي هذا القرار انعكاسًا لتقييم اللجنة لآخر تطورات التضخم وتوقعاته منذ اجتماعها السابق.
توجه عالمي نحو التيسير النقدي
شهدت الفترة الأخيرة عالميًا تطورات في مؤشرات التضخم، حيث استمرت التوقعات في الاستقرار، بالتزامن مع توجه البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة نحو تبني سياسات نقدية أكثر تيسيرًا تدريجيًا، بما يتماشى مع التطورات العالمية المرتبطة بانخفاض الضغوط على الأسعار الأساسية.
أسعار السلع والطاقة عالميًا
رغم تسجيل أسعار النفط العالمية مستويات مرتفعة خلال الآونة الأخيرة بسبب عوامل العرض، إلا أن أسعار السلع الزراعية شهدت تغيرات متباينة وكانت محدودة بشكل عام.
ومع ذلك، لا تزال المخاطر المحيطة بالتضخم العالمي قائمة، لا سيما في حال تصاعد التوترات الجيوسياسية واستمرار السياسات التجارية المرتبطة بالقوى الكبرى.
تسارع النمو المحلي
على الجانب المحلي، تسارع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 5.0% في الربع الثاني من عام 2025 مقابل 4.8% في الربع السابق.
كما سجل متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.4% في السنة المالية 2024/2025 مقابل 2.4% في السنة المالية 2023/2024، مدفوعًا بمساهمات إيجابية من قطاعات الصناعة التحويلية غير البترولية، والتجارة، والسياحة.
الناتج لا يزال دون طاقته القصوى
رغم تسارع وتيرة التعافي، لا يزال الناتج دون طاقته القصوى، ما يشير إلى أن الضغوط التضخمية المتوقعة على المدى القصير ستظل محدودة في ظل السياسة النقدية الحالية.
تراجع معدلات التضخم
وفيما يتعلق بتطورات التضخم، فقد تراجع معدل التضخم العام السنوي إلى 12.0% في أغسطس 2025 مقابل 13.9% في يوليو 2025.
وبالمثل، تراجع معدل التضخم الأساسي السنوي إلى 10.7% في أغسطس 2025 من 11.6% في يوليو 2025. ويعكس هذا التراجع تطورات شهرية محدودة في كل من التضخم العام والأساسي، حيث سجلا 0.4% و0.1% في أغسطس 2025 على التوالي، وهو ما يرجع بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار السلع الغذائية واستقرار نسبي في أسعار السلع غير الغذائية.
تحسن التوقعات وانحسار آثار الصدمات
ويشير التراجع في نطاق واسع في التطورات الشهرية للتضخم خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى تحسن توقعات التضخم والانحسار التدريجي لآثار الصدمات السابقة.
استمرار التراجع المتوقع للتضخم
وفي هذا الإطار، تشير تقديرات البنك المركزي المصري إلى أن التضخم سيواصل تراجعه ليبلغ متوسطًا يتراوح بين 12% و13% في الربع الثالث من عام 2025، مقابل 15.2% في الربع السابق.
ورغم أن تراجع التضخم جاء أبطأ من المتوقع نتيجة تأثيرات مؤجلة لبعض الإجراءات، إلا أن المسار النزولي للتضخم ما زال قائمًا بدعم من أوضاع المالية العامة المستقرة.
مستوى تضخم محدد
وتُظهر التوقعات أن التضخم العام سيسجل نحو 14% في عام 2025، ليقترب من مستهدف البنك المركزي المصري بحلول الربع الرابع من عام 2026.
ومع ذلك، تظل توقعات التضخم عرضة لمخاطر صعودية على الصعيدين المحلي والعالمي، من بينها تحريك الأسعار المحددة إداريًا بما يتجاوز التوقعات، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية.
دعم المسار النزولي للتضخم
وفي ضوء ما تقدم، ترى لجنة السياسة النقدية أن خفض سعر العائد الأساسي للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس يعد مناسبًا للحفاظ على سياسة نقدية من شأنها ترسيخ التوقعات ودعم المسار النزولي المتوقع للتضخم.
تقييم مستمر وتفاعل مرن
وأكدت اللجنة، أنها ستواصل تقييم قراراتها بشأن وتيرة التيسير النقدي على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها، وما يستجد من بيانات. وستواصل اللجنة متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة لتحقيق استقرار الأسعار من خلال توجيه التضخم نحو مستهدفه البالغ 7% (±2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من عام 2026، و5% (±2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من عام 2028، في المتوسط.





