Bloom Gate -بوابة بلوم
Herms2024

كيف يخفف خفض الفائدة أعباء الدين ويشجع الاستثمار؟.. محللون يجيبون

قال محللون إن قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة خلال شهري أبريل ومايو 2025 بنسبة 3.25% يمثل خطوة إيجابية نحو دعم النمو الاقتصادي وتخفيف الأعباء على الموازنة العامة، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن هذا القرار يتطلب توازنًا دقيقًا لضمان استدامة جاذبية السوق المصري للمستثمرين الأجانب.

وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعها الأخير خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس إلى 24.00% و25.00% و24.50% على الترتيب.

كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 24.50%. ويأتي هذا القرار انعكاسًا لآخر التطورات والتوقعات الاقتصادية منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية السابق.

إبراهيم عادل: خفض الأسعار له تأثير مباشر وإيجابي على الموازنة العامة

أكد إبراهيم عادل، محلل الاقتصاد الكلي والقطاع المالي بشركة مباشر تريد مصر، أن قرار خفض أسعار الفائدة له تأثير مباشر وإيجابي على المالية العامة للدولة، لا سيما فيما يتعلق بإصدارات الدين المحلي، التي تُعد الحكومة أكبر المقترضين فيها.

وأوضح عادل أن انخفاض الفائدة يسهم في تخفيض تكلفة الاقتراض المحلي، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الموازنة العامة للدولة، من خلال تقليل بند فوائد الدين التي كانت تشكل عبئًا كبيرًا سابقًا نتيجة أسعار الفائدة المرتفعة.

وأشار إلى أن أدوات الدين، مثل أذون الخزانة والسندات الحكومية، ستتأثر إيجابيًا بهذا التراجع، حيث تنخفض الفائدة المدفوعة عليها سواء كانت قصيرة أو طويلة الأجل. لكنه نوه إلى أن عملية التسعير تعتمد على العروض المقدمة من المستثمرين، حيث يقوم كل مستثمر بتحديد الفائدة المطلوبة، وتختار الحكومة العروض التي تتوافق مع استراتيجيتها التمويلية.

وحول تأثير خفض الفائدة على استثمارات الأجانب، أوضح عادل أن مصر ما زالت تُعتبر من أكثر الأسواق الناشئة جذبًا لرؤوس الأموال الأجنبية، بفضل العائد الحقيقي المرتفع.

وقال إن العائد الحقيقي – الناتج من طرح معدل التضخم من الفائدة الاسمية – لا يزال في نطاق 9% إلى 9.5%، وهو من بين الأعلى عالميًا في فئة الأسواق الناشئة، مما يجعل مصر خيارًا مفضلًا للمستثمرين الباحثين عن عوائد قوية ومستقرة.

وأضاف أن جاذبية السوق المصري لم تتأثر حتى مع تراجع الفائدة، لأن الأساس في قرار المستثمر الأجنبي لا يقتصر فقط على الفائدة الاسمية، بل يعتمد على العائد الحقيقي واستقرار السوق، وكلاهما ما زالا في مستويات مشجعة.

وأشار إلى أن خفض الفائدة يعكس تحسن المؤشرات الاقتصادية، ويتيح فرصة لتوجيه جزء أكبر من الإنفاق نحو الاستثمار بدلاً من خدمة الدين، كما يتيح للحكومة مرونة أكبر في إدارة التمويل المحلي بتكلفة أقل، دون التأثير على تنافسية السوق أمام المستثمرين الأجانب.

دينا الوقاد: خفض الفائدة يحمل تأثيرات مباشرة على تكلفة الدين

ومن جانبها، قالت دينا الوقاد، محلل الاقتصاد الكلي، إن توجه البنك المركزي المصري لخفض أسعار الفائدة يحمل تأثيرات مباشرة على تكلفة إصدار أدوات الدين الحكومية، مثل أذون وسندات الخزانة، مشيرة إلى أن هذا القرار يسهم بشكل واضح في خفض تكلفة الاقتراض على الحكومة.

وأوضحت أن تراجع الفائدة يعني أن الحكومة ستدفع عوائد أقل للمستثمرين على أدوات الدين، مما يساهم في تخفيف الضغط الواقع على بند خدمة الدين في الموازنة العامة، والذي يمثل نسبة كبيرة من الإنفاق الحكومي، وبالتالي فإن هذه الخطوة تعد إيجابية من منظور إدارة الدين العام.

لكنها نبهت إلى أن التأثير لا يقتصر فقط على تكلفة الاقتراض، بل يمتد أيضًا إلى سلوك المستثمرين الأجانب، الذين يعتبرون أدوات الدين وسيلة لتحقيق عائد آمن وسريع نسبيًا. وهنا، يكمن التحدي الحقيقي: هل سيظل العائد الحقيقي (بعد خصم التضخم) كافيًا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية؟

وأجابت الوقاد أن ذلك يعتمد على التوازن بين معدل خفض الفائدة ومعدل تراجع التضخم، فإذا تراجعت معدلات التضخم بوتيرة أسرع أو موازية لتراجع الفائدة، فإن العائد الحقيقي سيظل جاذبًا، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة إقبال الأجانب على أدوات الدين المصرية.

أما إذا ظل التضخم مرتفعًا في ظل تراجع سريع للفائدة، فقد يشعر المستثمرون بالقلق، مما يؤدي إلى تباطؤ تدفق الاستثمارات أو حتى خروج مؤقت من السوق.

كما شددت على أن قرارات السياسة النقدية لا تحدث في فراغ، بل تأتي في سياق دولي معقد، حيث أصبحت الفائدة في العديد من الأسواق الناشئة الأخرى مرتفعة، ما يزيد من حدة المنافسة على جذب الأموال الساخنة. ولهذا، دعت إلى أن يكون خفض الفائدة تدريجيًا ومدروسًا، مع الأخذ في الاعتبار توقعات التضخم وسعر الصرف، وأيضًا ردود فعل الأسواق المحلية والدولية.

وأكدت على أن خفض الفائدة يحمل فوائد متعددة، أبرزها تخفيف أعباء الدين وتنشيط النشاط الاقتصادي، لكنه يحتاج إلى إدارة دقيقة ومتوازنة لضمان استدامة النمو والحفاظ على ثقة المستثمرين، في ظل بيئة مالية عالمية مليئة بالتقلبات.

هاني أبو الفتوح: خفض محسوب يعكس تحسن الاقتصاد

في سياق متصل، قال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إن قرار البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماعه بتاريخ 22 مايو 2025، بعد تخفيض سابق قدره 225 نقطة أساس في أبريل، يُعد خطوة محسوبة ضمن سياسة تيسير نقدي حذرة، تعكس ثقة متزايدة في تحسن المؤشرات الاقتصادية.

وأوضح أبو الفتوح أن القرار الأخير استند إلى تحليل دقيق لمؤشرات إيجابية، على رأسها تباطؤ معدلات التضخم العام والأساسي، رغم الزيادة الطفيفة الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات، إلى جانب تحسن ملحوظ في سعر الصرف، مما يعكس بيئة اقتصادية بدأت في التعافي، تسمح بدعم النمو دون التسبب في ضغوط تضخمية إضافية.

وفيما يتعلق بتأثير القرار على تكلفة إصدار أدوات الدين الحكومية، أشار إلى أن خفض أسعار الفائدة ينعكس إيجابيًا على الموازنة العامة من خلال تقليل العائدات المدفوعة على أذون وسندات الخزانة، وقد ظهر ذلك بوضوح في مزادات وزارة المالية خلال شهري أبريل ومايو، حيث تراجع متوسط العائد على أذون الخزانة لأجل 182 يومًا إلى 26.39%، ولأجل 364 يومًا إلى 24.45% في 27 أبريل 2025.

ومع ذلك، شدد أبو الفتوح على أن تأثير هذا الخفض قد يكون محدودًا بسبب الحجم الكبير للدين المحلي والخارجي، إذ تخطط الحكومة لإصدار أدوات دين بقيمة 2.2 تريليون جنيه لتغطية عجز الموازنة.

كما أبدى قلقه من أن بعض المستثمرين لا يزالون يطالبون بعوائد مرتفعة تصل إلى 31.25% في بعض المزادات، ما يعكس تحديات مستمرة في استقرار السوق.

وأشار إلى أن المواطن العادي قد لا يشعر بشكل مباشر بأثر خفض الفائدة، في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، رغم تراجع التضخم إلى 13.9% في أبريل، معتبرًا أن التحسن في المؤشرات الكلية يجب أن يواكبه إصلاحات أعمق لتقليل الاعتماد على الدين وتحقيق تحسّن ملموس في مستوى معيشة الأفراد.

وعن تأثير خفض الفائدة على الاستثمار الأجنبي، أوضح أن العائد قد يكون أقل جاذبية على المدى القصير، لكنه يرى أن الاستقرار الاقتصادي، وتراجع التضخم، وتحسن التصنيف الائتماني تمثل عوامل تعوّض ضعف العائد، وتجذب المستثمر طويل الأجل.

وأكد على أن خفض الفائدة يُشجع على تحويل السيولة من الادخار إلى الاستثمار الإنتاجي، بما يدعم النمو المستدام، لكنه حذر من أن تحديات مثل البيروقراطية وارتفاع تكلفة المعيشة قد تحد من فاعلية هذا التحول.

الرابط المختصر
لمتابعتنا عبر تطبيق نبض اضغط هنا
Bloom and Nabd
آخر الأخبار