
في ظل تراجع أسعار الأسهم الأميركية خلال هذا الشهر، لاحظ جون سيداوي، مدير الصناديق في شركة فيديريتد هيرميس (Federated Hermes)، ظاهرة غير معتادة أثارت انتباهه.
فالدولار، الذي لطالما اعتُبر ملاذًا آمنًا في أوقات تراجع الأسواق، لم يشهد هذه المرة أي انتعاش، بل على العكس، تراجع أيضًا بوتيرة متسارعة.
السوق الأميركي: تراجع ملحوظ أمام العملات الرئيسية
على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، انخفض الدولار أمام جميع العملات الرئيسية الـ31 تقريبًا، مما دفع مؤشر بلومبرج للدولار إلى التراجع بنسبة 3% في أسوأ بداية لعام منذ عام 2017.
في المقابل، ارتفع سعر الذهب، وهو ملاذ آمن منافس، إلى مستوى قياسي تجاوز 3000 دولار للأونصة.
التفسير: سياسات ترامب وتأثيرها على الدولار
يعود التفسير لهذه الظاهرة إلى سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خاصة في ظل حربه التجارية والتصريحات السياسية التي تهز الثقة في العملة الأميركية.
ورغم أن الدولار كان يعتبر ملاذًا آمنًا، إلا أن تراجع قيمته يثير القلق، خاصة في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية الحالية.
محاولات تقليص الاعتماد على الدولار
تحركات ترامب أعادت إحياء النقاشات حول تقليص الاعتماد على الدولار. ففي أوروبا، يسعى المسؤولون إلى تعزيز دور اليورو من خلال إنشاء أسواق أكثر تكاملًا وسيولة لمنافسة الدولار. وفي العالم النامي، بدأت بعض الدول بطرح فكرة التكتل لمواجهة هيمنة الدولار.
وعلى الرغم من محاولات ترامب للحفاظ على دور الدولار كعملة مركزية عالميًا، إلا أن سياساته المتعلقة بالعولمة قد تزيد من احتمالية تقليص دور الدولار في الأسواق العالمية.
التوترات الجيوسياسية وأثرها على الدولار والأسواق المالية
من جهة أخرى، صدامات ترامب مع الحلفاء الأوروبيين بشأن تكاليف الدفاع قد تساهم في موجة إنفاق من ألمانيا، مما قد يعزز الاقتصاد الأوروبي. وهذا يمكن أن يؤدي إلى نزوح الأموال من الولايات المتحدة إلى أوروبا، مع تحول الأنظار نحو الأصول الأوروبية.
أثر هذه التحولات على سوق الأسهم والدولار
يشير العديد من الخبراء إلى أن التحولات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة قد تؤدي إلى اختلالات كبيرة في الأسواق، مما قد يضعف الدولار أكثر ويؤثر في أسواق الأسهم الأميركية.
يرى تييري ويزمان، الخبير الاستراتيجي في مجموعة ماكواري، أن هذه التحولات قد تؤدي إلى انخفاض مشترك في أسواق الأسهم الأميركية والدولار.
الدولار كملاذ آمن: احتمالات فقدان مكانته
في الوقت الحالي، رغم التراجع الأخير في قيمته، لا يزال الدولار يحتفظ بمكانته كعملة أساسية في النظام المالي العالمي. ومع ذلك، يرى الاقتصاديون مثل باري آيكنغرين أن هناك احتمالية حقيقية لفقدان الدولار مكانته كملاذ آمن في المستقبل.
وأشار آيكنغرين إلى أن دور الدولار كعملة احتياطية لم يتغير بشكل مفاجئ. رغم المخاوف الحالية، لا يزال الدولار يحافظ على مكانته كأداة رئيسية في الاقتصاد العالمي، بسبب الحجم الكبير لسوق الدين الأميركي وسهولة تداول السندات الأميركية.
في النهاية، رغم التحديات التي يواجهها الدولار، إلا أن فقدانه لمكانته كملاذ آمن يبقى احتمالا بعيدًا، لكنه يستحق الاعتبار في ضوء التغيرات السياسية والاقتصادية المستمرة.