
انقسام داخل الفيدرالي الأميركي حول خفض الفائدة في ديسمبر
كثّف عدد من صانعي السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تحذيراتهم بشأن احتمال تباطؤ أو توقف التقدم في خفض التضخم بالولايات المتحدة، ما أثار شكوكًا حول إمكانية إجراء تخفيض آخر لأسعار الفائدة في اجتماع ديسمبر المقبل، وكشف عن اتساع الانقسام داخل البنك المركزي الأميركي.
الجدل داخل الفيدرالي
يتفق المسؤولون بشكل عام على أن سوق العمل تشهد تباطؤًا، لكنهم منقسمون حول مدى استمرار هذا التباطؤ. فبينما يتعامل فريق منهم بهدوء مع الضغوط السعرية، يحذر آخرون من أن أسعار الفائدة الحالية بالكاد تكبح الاقتصاد، ويرون أن أي خفض إضافي قد يهدد التقدم في مكافحة التضخم.
ويعد هذا الجدل العلني أمرًا غير معتاد، ويعكس صعوبة قراءة الوضع الاقتصادي الحالي والمأزق الذي يواجهه رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول في محاولة صياغة توافق بشأن مسار السياسة النقدية.
وقال ويليام إنغليش، أستاذ في كلية إدارة الأعمال بجامعة ييل والمدير السابق في أحد أقسام البنك: إنهم يواجهون قرارًا صعبًا، وأعتقد أن الناس يريدون أن يكون موقفهم واضحًا، ولهذا يعبرون عنه ويقدمون حججهم. إنها فعلاً وضعية معقدة للجنة ولباول من أجل محاولة بناء توافق.
لماذا يتريث الفيدرالي بشأن خفض الفائدة؟
بعد أن حشد باول الدعم لخفض الفائدة في الاجتماعين الأخيرين، أقر بأن خفضًا آخر غير مضمون، مع إعلان بعض المسؤولين بوضوح أنهم لن يؤيدوا أي تخفيض في الاجتماع المقرر يومي 9 و10 ديسمبر.
ويشمل ذلك عددًا من رؤساء فروع البنك الاحتياطي الفيدرالي الإقليمية، مثل رئيس فرع كانساس سيتي جيف شميد ورئيسة فرع بوسطن سوزان كولينز، وكلاهما يملك حق التصويت هذا العام.
ويرفض البعض خفض الفائدة استنادًا إلى فكرتين أساسيتين:
-
أن تباطؤ نمو الوظائف قد يعكس تغييرات في سياسة الهجرة والتكنولوجيا، وليس تراجعًا حقيقيًا في الطلب على العمالة.
-
أن مخاطر التضخم لا تزال قائمة بسبب متانة الطلب الاستهلاكي، وليس فقط الرسوم الجمركية، فضلاً عن أن التضخم ظل فوق الهدف لعدة سنوات، مما يضع مصداقية البنك المركزي على المحك.
وقال شميد: لا أعتقد أن المزيد من خفض أسعار الفائدة سيسهم كثيرًا في سد أي فجوات في سوق العمل، وهي ضغوط ناتجة غالبًا عن تغييرات هيكلية. ورغم ذلك، فإن التخفيضات قد تترك آثارًا طويلة الأمد على التضخم، مع تزايد التساؤلات حول التزامنا بهدف 2%.
وأضافت كولينز: خفض الفائدة في أكتوبر كان خطوة حصيفة لدعم التوظيف، لكن توفير المزيد من الدعم النقدي للنشاط الاقتصادي ينطوي على مخاطر قد تُبطئ أو تعرقل عودة التضخم إلى مستواه المستهدف.
القلق من فقدان المصداقية
قال جوش هيرت، كبير خبراء الاقتصاد الأميركي لدى شركة فانجارد: القلق من تشكك الأسر والشركات في عزيمة الفيدرالي للوصول إلى نسبة 2% أمر مشروع. لا تعرف أبدًا متى يحدث ذلك، لكنها واحدة من تلك الأمور التي لا تبدو مهمة إلى أن تصبح كذلك.
وأدت تصريحات المتشددين إلى خفض توقعات المستثمرين لخفض أسعار الفائدة في ديسمبر، حيث تراجعت الاحتمالات إلى نحو 50% بعد أن كانت تقارب 100% قبل اجتماع أكتوبر الماضي.
مؤيدو التيسير النقدي
لم يستسلم مؤيدو خفض الفائدة، الذين يشكلون غالبية أعضاء لجنة السياسة النقدية، حيث يرى ستيفن ميرن، المعين حديثًا من قبل الرئيس السابق دونالد ترامب، أن أسعار الفائدة أعلى بكثير من المستوى الذي يكف عنده تأثيرها المقيد للاقتصاد، ويدعو إلى سلسلة تخفيضات سريعة لتفادي الإضرار بسوق العمل.
كما يدعم آخرون مثل المحافظين كريستوفر والر وميشيل بومان خفض الفائدة، مع التركيز على سوق العمل أكثر من التضخم. ورغم تحذير باول بعد اجتماع السياسة الأخير، بدا مرتاحًا نسبيًا تجاه مسار التضخم.
ومع اقتراب نهاية ولاية باول كرئيس للبنك المركزي في مايو المقبل، قد يواجه مزيدًا من الاعتراضات. وأقر بوجود آراء متباينة بشدة بين المسؤولين بشأن قرار ديسمبر، لكنه وصف الاعتراضات بأنها جزء طبيعي ومشجع من عملية النقاش.
وقال إنغليش: حتى سياسة جيدة وعقلانية للغاية قد تؤدي إلى نتائج سيئة في هذا الوضع المعقد.
ورأى كريشنا غوها من شركة إيفركور آي إس آي، أن النقاش الحالي حول السياسة يشبه محاكاة لما سيحدث في 2026، حيث يتخذ المسؤولون مواقف متصلبة ضد أي خفض تلقائي لأسعار الفائدة، مع الاعتماد على البيانات لإثبات الحاجة، ما يؤدي إلى انقسامات حادة في التصويت.





