تتخذ مصر خطوات جادة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة من خلال التوسع في مشروعات الربط الكهربائي مع عدد من الدول العربية والأفريقية والأوروبية، وفي مقدمتها مشروع الربط مع السعودية، الذي يمثل انطلاقة استراتيجية نحو تكامل شبكات الكهرباء على المستوى الإقليمي، ويعزز أمن الطاقة في المنطقة.
مشروعات الربط الكهربائي تعزز مكانة مصر في قطاع الطاقة
نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء مجموعة من الإنفوجرافات التي استعرضت المشروعات الكبرى التي تنفذها الدولة في مجال الربط الكهربائي، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تأتي بعد سنوات من الاستثمار المكثف في البنية التحتية لقطاع الطاقة، ما ساهم في تحقيق طفرة في إنتاج الكهرباء من مصادر متعددة، وعلى رأسها الطاقة المتجددة.
وقد أدى ذلك إلى جذب استثمارات محلية وأجنبية، وأسهم في ترسيخ مكانة مصر كمحور إقليمي للطاقة في شرق المتوسط وأفريقيا.
إشادات دولية بمشروع الربط مع السعودية
الإنفوجرافات سلطت الضوء على الإشادات الدولية المتكررة بمشروعات الربط الكهربائي في مصر، إذ اعتبرت الوكالة الدولية للطاقة أن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتيح تبادل طاقة بقدرة تصل إلى 3000 ميجاوات، عبر تقنية التيار المستمر عالي الجهد (HVDC).
كما أكد السفير السويدي السابق في القاهرة أن الربط الكهربائي مع أوروبا يشكل المسار الأفضل لتحقيق تقدم حقيقي في مجال الطاقة، لما له من أثر اقتصادي متبادل.
كذلك، نوهت إدارة التجارة الدولية الأمريكية إلى أن مصر تعمل على مشروعات ربط مع الأردن والسودان وليبيا، وتسعى لاستكمال مشروعاتها مع السعودية واليونان وقبرص والعراق عبر الأراضي الأردنية.
زيادة في القدرات الاسمية وتحول العجز إلى فائض
البيانات الرسمية أظهرت أن إجمالي القدرات الاسمية للكهرباء في مصر ارتفع بنسبة 86.6%، ليبلغ نحو 59.7 ألف ميجاوات في العام المالي 2023/2024، مقارنة بـ32 ألف ميجاوات عام 2013/2014. هذه الزيادة تجاوزت نمو الطلب الأقصى الذي ارتفع بنسبة 41% خلال نفس الفترة، ليصل إلى 36.8 ألف ميجاوات.
هذا الفائض ساعد في تحويل العجز السابق في الشبكة القومية إلى احتياطي استراتيجي يسمح بالتصدير، ويدعم خطط الدولة في أن تصبح مركزًا محوريًا لتجارة الكهرباء والطاقة في المنطقة.
مشروعات توليد ضخمة تعزز الاستقرار الكهربائي
تضمنت المشروعات الكبرى في قطاع التوليد محطات الكهرباء التي نفذتها شركة سيمنز في العاصمة الإدارية الجديدة وبني سويف والبرلس، بقدرة إجمالية 14.4 ألف ميجاوات، إلى جانب مجمع بنبان للطاقة الشمسية بأسوان، الذي يُعد من بين أكبر التجمعات الشمسية في العالم بقدرة 1465 ميجاوات.
كما شمل التطوير مزرعة رياح جبل الزيت، التي تضم ثلاث محطات بإجمالي قدرة 580 ميجاوات، ما ساهم في تنويع مصادر إنتاج الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
الربط مع السعودية خطوة نحو شبكة عربية موحدة
يمثل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية ركيزة رئيسية لخطة إنشاء شبكة عربية موحدة للكهرباء. وقد تم توقيع عقود المشروع في أكتوبر 2021، ويصل من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة في السعودية مرورًا بمدينة تبوك. وتشير البيانات الرسمية إلى أن نسبة التنفيذ بلغت نحو 76.9% حتى مايو 2025.
وتبلغ القدرة التبادلية للمرحلة الأولى 1500 ميجاوات، فيما ترتفع في المرحلة الثانية إلى 3000 ميجاوات. ومن المتوقع أن يوفر المشروع استقرارًا كبيرًا في الشبكات بين البلدين، ويتيح مرونة في إدارة الأحمال.
مكاسب الربط الكهربائي العربي تتجاوز الفوائد الاقتصادية
يساهم الربط الكهربائي العربي في تعزيز موثوقية الشبكات، من خلال تقليل مخاطر الانقطاع الكامل أو الجزئي للكهرباء، بالإضافة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال تبادل الطاقة في أوقات الذروة أو الفائض. كما يسمح الربط بتبادل الخبرات الفنية بين الدول، من خلال التشغيل الفعلي المشترك واللجان المختصة بالتخطيط والتشغيل.
مصر بوابة الربط الكهربائي الإقليمي والدولي
تسعى مصر لأن تكون بوابة الربط الكهربائي في المنطقة، عبر شبكة من المشروعات القائمة والمخطط لها. وتشمل هذه الشبكة الربط مع السودان، الذي بدأ بقدرة 80 ميجاوات عام 2020، مع خطط لرفعها إلى 300 ميجاوات في المرحلة الثانية. كما يجري حاليًا دراسة رفع قدرة خط الربط مع ليبيا إلى 2000 ميجاوات، في حين تصل قدرة الربط مع الأردن حاليًا إلى 550 ميجاوات، مع اتفاق لتعزيزها إلى 2000 ميجاوات. على الجانب الأوروبي، يجري العمل على مشروع ربط كهربائي بين مصر وقبرص واليونان، بهدف تبادل قدرات تصل إلى 2000 ميجاوات في المرحلة الأولى، ترتفع إلى 6000 ميجاوات لاحقًا، في خطوة استراتيجية نحو تصدير الطاقة إلى أوروبا.
