البنك المركزي المصري يمدد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم إلى 2028
قرر البنك المركزي المصري، تمديد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم إلى الربع الرابع من عام 2026 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط، والربع الرابع من عام 2028 عند 5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط.
وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وكذلك سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.
تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة
كما قررت اللجنة تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028. حيث حُددت المعدلات المستهدفة لتكون 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط للربع الرابع من 2026، و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط للربع الرابع من 2028.
يأتي ذلك في إطار التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.
التطورات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على التضخم
على الصعيد العالمي، واصلت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة خفض أسعار العائد تدريجيًا في ضوء استمرار تراجع معدلات التضخم، مع الإبقاء على سياسات التشديد النقدي، حيث لا تزال معدلات التضخم المحققة تتجاوز المستويات المستهدفة.
ويستمر معدل النمو الاقتصادي في الاستقرار إلى حد كبير، مع توقعات تشير إلى استمرار النمو عند مستوياته الحالية، رغم أنه لا يزال أقل من مستويات ما قبل جائحة كورونا.
ومع ذلك، تظل توقعات النمو عرضة لبعض المخاطر مثل التأثير السلبي للتشديد النقدي على النشاط الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات التجارية الحمائية.
وفيما يخص الأسعار العالمية للسلع الأساسية، فقد شهدت تقلبات طفيفة في الآونة الأخيرة، مع توقعات بانخفاض محتمل في أسعارها، خاصة منتجات الطاقة.
إلا أن المخاطر الصعودية لا تزال تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك اضطرابات التجارة العالمية والتأثير السلبي لأحوال الطقس على الإنتاج الزراعي.
التحسن الاقتصادي المحلي وتوقعات التضخم في مصر
على الجانب المحلي، أفادت المؤشرات الأولية للربعين الثالث والرابع من عام 2024 بوجود استمرارية في تعافي النشاط الاقتصادي، مع تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالربع الثاني من 2024.
ورغم ذلك، يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من طاقته القصوى، مما يدعم الانخفاض المتوقع في التضخم خلال عام 2025. ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026.
وفيما يخص الأجور، لا تزال الضغوط التضخمية الناجمة عنها محدودة، في ظل ضعف معدل النمو الحقيقي للأجور. وعلى الرغم من استقرار المعدل السنوي للتضخم العام خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فقد تراجع في نوفمبر 2024 إلى 25.5% نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية.
وسجلت أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات الطازجة أدنى معدل تضخم سنوي لها في نحو عامين عند 24.6% في نوفمبر 2024.
تراجع التضخم الأساسي في مصر
أما بالنسبة للأسعار المحددة إداريًا للسلع غير الغذائية، فقد ارتفعت، بما في ذلك منتجات الوقود والنقل البري ومنتجات التبغ، بما يتسق مع استراتيجية زيادة الإيرادات للحد من العجز المالي.
وبالتالي، انخفض المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 23.7% في نوفمبر 2024، مقارنة بـ 24.4% في أكتوبر 2024.
وتشير هذه النتائج، بالإضافة إلى تحسن توقعات التضخم وعودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد، إلى أن التضخم سوف يواصل مساره النزولي في المستقبل القريب.
عوامل تراجع التضخم العالمي والمحلي في الفترة الأخيرة
بعد عامين من الارتفاع الحاد في معدلات التضخم عالميًا، بدأ التضخم في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في التراجع، وإن كان لا يزال أعلى من معدلاته المستهدفة.
وبالمثل، بدأ معدل التضخم العام في مصر في التراجع أيضًا خلال الآونة الأخيرة، ومن المتوقع أن يسجل حوالي 26% في الربع الرابع من عام 2024 في المتوسط، متجاوزًا المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية).
يرجع هذا التراجع في التضخم إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية خلال الفترة من 2022 إلى 2024، من أبرزها:
1. تراكم الاختلالات الخارجية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية في عام 2021، والتضخم المستورد، وتخارج استثمارات حافظة الأوراق المالية عقب اندلاع الصراع الروسي الأوكراني.
2. صدمات العرض المحلية وعدم ترسيخ توقعات التضخم.
3. إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة بهدف التشديد المالي ووضع الدين على مسار نزولي.
وأدت هذه التطورات مع تحركات سعر الصرف إلى تجاوز التضخم معدله المستهدف، حيث بلغ المعدل السنوي للتضخم العام ذروته عند 38% في سبتمبر 2023، قبل أن ينخفض إلى 25.5% في نوفمبر 2024.
إجراءات البنك المركزي المصري لتصحيح الوضع الاقتصادي
بدءًا من مارس 2024، اتخذ البنك المركزي المصري مجموعة من الإجراءات التصحيحية بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى احتواء الضغوط التضخمية وخفض التضخم العام.
من أبرز هذه الإجراءات السياسة النقدية التقييدية التي اتبعها البنك المركزي، بالإضافة إلى توحيد سوق الصرف الأجنبي، مما ساعد على ترسيخ توقعات التضخم وجذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي.
المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم في المستقبل
رغم الإجراءات التصحيحية التي اتخذها البنك المركزي، تظل المخاطر المحيطة بالتضخم قائمة، ومنها احتمالات تفاقم التوترات الجيوسياسية، وعودة السياسات الحمائية، وزيادة تأثير إجراءات ضبط المالية العامة.
وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءًا من الربع الأول من عام 2025، مع تحقيق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس.
ومن المتوقع أن يقترب التضخم من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026.
التوقعات المستقبلية للتضخم وقرارات السياسة النقدية
نظرًا لتوقعات التضخم وتطوراته الشهرية، ارتأت لجنة السياسة النقدية أنه من المناسب تمديد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028، عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط على الترتيب.
ويسعى البنك المركزي من خلال هذا التمديد إلى إتاحة المجال لاستيعاب صدمات الأسعار دون الحاجة للمزيد من التشديد النقدي، وبالتالي تجنب حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي.
الاستمرار في مراقبة التطورات الاقتصادية
وفي ضوء ما تقدم، رأت اللجنة أن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد ملائمًا حتى يتحقق انخفاض ملحوظ ومستدام في معدل التضخم.
وأوضحت اللجنة، أنها ستتخذ قراراتها بشأن مدة التشديد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات.
كما ستواصل اللجنة مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية.
وأكدت: لن تتردد اللجنة في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى معدلاته المستهدفة من خلال الحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب واحتواء الآثار الثانوية لصدمات العرض.