مخاوف عالمية من موجة تضخمية كبيرة.. هل تكون أميركا أكبر المتأثرين بها؟
واشنطن بوست: الأسعار آخذة في الارتفاع بكل الدول .. لكن هناك حل
ترجمة- محمد عوض:
سلطت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في تقريرٍ لها، الضوء على ما يعيشه العالم من موجة تضخمية، ظهرت بشدة خلال الآونة الأخيرة، وذلك وسط مخاوف من استمرار هذه الموجة، التي لاتقف عند حدود دولة بعينها، ولكنه ظرف عالمي سيتأثر به الجميع.
معاناة أميركية من أعلى معدل تضخم
قالت «واشنطن بوست»، إن جزء كبير من الأميركيين يعانون من أعلى معدل تضخم يرونه في الأسواق منذ 40 عامًا، لكنهم ليسوا وحدهم في هذا الأمر، فدول الاتحاد الأوروبي، ترتفع فيها الأسعار بشكل أسرع من أي وقت مضى منذ إدخال عملة اليورو، وبلغ معدل التضخم السنوي في المملكة المتحدة 5.4% في ديسمبر الماضي، وهو أعلى رقم هناك للتضخم منذ ما يقرب من 30 عاما، كما أن مقياس أسعار المستهلكين في كندا يرتفع مرتين أسرع مما كان عليه قبل الوباء.
ولفتت الصحيفة إلى أنه حتى في اليابان انخفضت الأسعار بشكل شبه مستمر منذ فقاعة العقارات في أواخر الثمانينيات، إلا أن المركزي الياباني قام في الأيام الأخيرة بمراجعة تقييمه لمخاطر التضخم بالزيادة للمرة الأولى منذ ثماني سنوات.
الاقتصاد الصيني الأقل تأثرا بالتضخم
ومن بين الاقتصادات الكبرى، تعتبر الصين الأقل في معدلات التضخم خلال هذه الفترة، ومقارنة بأوائل عام 2020.
وفي جميع أنحاء العالم، تبرز الأسعار المرتفعة كعلامة على التعافي في عصر الوباء، مما دفع بعض البنوك المركزية إلى التركيز على مكافحة التضخم، وألا يؤثر ذلك على الدول في العالم بشكل كبير يكون مدعاة لكارثة في اقتصاد عالمي يعاني بكل تأكيد، وسط مخاوف بأن الأزمة الظاهرة في سماء الاقتصاد العالمي، يمكن أن تكون أزمة جديدة مشابهة لآحداث عام 2008.
تسهيل إمدادات سلاسل التوريد
وتقول الصحيفة إن هذه الموجة يمكن الحد منها بصعود سلاسل التوريد عبر الدول لإبقاء التضخم في حدوده الأقل، مع العمل على تسريع تشغيل المصانع، وإنتاج سلع تتوافق واحتياجات الأسواق الدولية.
ووفقًا لبحث أجراه معهد بلاك روك للاستثمار، فإن الاتجاهات طويلة الأجل، مثل زيادة الإجراءات الحمائية التي أعاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التركيز عليها، وارتفاع الأجور الصينية والتكيف مع اقتصاد منخفض الكربون، ستضع ضغوطًا تصاعدية على الأسعار في السنوات المقبلة.
قال إريك فينوجراد، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات أليانس بيرنشتاين، والموجودة في نيويورك: «لقد مررنا بفترة كانت فيها القوى العالمية تعمل بشكل واضح على كبح جماح التضخم، نحن ندخل فترة أخرى، على المدى القريب على الأقل، حيث من المرجح أن يندفع التضخم للأعلى بدلاً من الانخفاض».
وفي الولايات المتحدة، يزن الاحتياطي الفيدرالي مزيجًا معقدًا من العوامل العالمية والمحلية بينما يستعد لمعالجة التضخم بنسبة 7 في المائة، وهو أعلى معدل بين جميع الاقتصادات الكبرى، ومن المتوقع أن تشير لجنة صنع السياسة النقدية في البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن رفع أسعار الفائدة سيبدأ في مارس.
قال ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين العالميين في سيتي جروب: «جزء مما نراه في الولايات المتحدة يشبه إلى حد بعيد بقية العالم ويتردد فيه».
ولفت التقرير إلى أن سلاسل التوريد العالمية المتعثرة، التي تصيب الموانئ في روتردام وشنجهاي وكذلك في لوس أنجلوس، تؤدي إلى ارتفاع التكاليف في جميع أنحاء العالم، وبالمثل زيادة تكاليف السلع، بما في ذلك الغذاء والطاقة.
وخلال العام الماضي، ارتفعت أسعار النفط العالمية بأكثر من 55%، وارتفع استخدام النيكل في مصانع السيارات والفضاء بنسبة 27%، وقد تضاعف سعر القهوة تقريبًا.
مؤشر على التعافي من كورونا
لكن ما قد يكون مبشرًا، ما قاله مسؤولو البيت الأبيض، حيث وصفوا التضخم بأنه أحد الآثار الجانبية للتعافي القوي من جائحة كورونا العالمية، والذي يجب أن يهدأ في النصف الثاني من هذا العام 2022.
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: «خلال هذا الوباء، شعرنا بالعواقب، من تضخم وارتفاع للأسعار، وذلك لأنه عندما يتم إغلاق مصنع في جزء من العالم، يتعطل إنتاج وشحن البضائع إلى المتاجر والمنازل والشركات في جميع أنحاء العالم».
لكن بعض الاقتصاديين قالوا إن الأميركيين يشهدون أيضًا تضخمًا أسرع من أي مكان آخر نتيجة لهيكل الاقتصاد الأميركي وطبيعة الإنقاذ المالي السخي الذي تم لمكافحة الوباء.