لماذا كسر الدولار حاجز 49 جنيهًا في البنوك؟..مصرفيون يجيبون
كسر الدولار حاجز 49 جنيهًا في تعاملات الخميس الماضي، مرتفعًا بنحو 20 قرشًا في عدة بنوك، مدفوعًا بتراجع إيرادات قناة السويس، وخروج الأموال الساخنة، بالإضافة إلى عدم توفير العملات الأجنبية بشكل كافٍ للمستثمرين.
وتوقع خبراء مصرفيون استقرار سعر الدولار تحت مستوى 50 جنيهًا خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا بتوجهات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لخفض سعر الفائدة، مما سيسهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى الأسواق الناشئة، التي تعتمد عليها الدولة بشكل كبير وأساسي.
كان الدكتور مصطفى مدبولي، ريئيس الوزراء، قد أكد عدم صحة ما أثير حول تحريك مصر لسعر الصرف أو تعويم الجنيه مرة أخرى، وأوضح أن بعض المواقع أعادت نشر تصريحات سابقة لمديرة صندوق النقد الدولي عن ضرورة تحريك سعر الصرف وتعويم الجنيه، وعرضتها وكأنها صدرت حديثًا.
ووصلت بعثة صندوق النقد الدولي، القاهرة، أمس، لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى في مصر.
كما أعلن البنك الدولي، جدول سداد الديون الخارجية لمصر للعام المالي الحالي، والذي يتضمن التزامات بقيمة 60.8 مليار دولار من يوليو 2024 حتى يونيو 2025. ووفقًا للبيانات، شمل الجدول سداد 14.7 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي، الذي انتهى بالفعل، فيما يتعين سداد نحو 15 مليار دولار في الربع الحالي.
أسباب تراجع الجنيه أمام الدولار
قالت منى بدير، محللة الاقتصاد الكلي، إن هناك عدة أسباب أدت إلى تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، على رأسها التوترات الجيوسياسية.
وأوضحت أن انخفاض إيرادات قناة السويس إلى 6.6 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقابل 8.8 مليار دولار في العام المالي السابق، أثّر بشكل كبير نظرًا لأنها تعدّ من مصادر النقد الأجنبي الأساسية للحكومة.
كما أشارت إلى أن خروج الأموال الساخنة لبعض المستثمرين يعكس مخاوف في السوق العالمية، ما يقلل من إقبال مستثمرين جدد ويؤثر أيضًا على تحركات سعر الصرف، خصوصًا في ظل اعتماد الحكومة الكبير على هذه الاستثمارات.
وأكدت أن جميع البنوك تعمل على توفير السيولة الدولارية اللازمة للمستوردين للسلع الاستراتيجية الهامة، دون المساس بقائمة السلع الـ13 التي فرض البنك المركزي المصري قيودًا على استيرادها دون موافقته المسبقة.
وتشمل قائمة هذه السلع السيارات كاملة الصنع، والهواتف المحمولة وكمالياتها، والنباتات والبذور الغذائية، والفواكه الطازجة، والكاكاو، والمجوهرات واللؤلؤ، وأجهزة التلفزيون والأجهزة الكهربائية، والملابس الجاهزة، ولعب الأطفال، والإطارات المستعملة، والمفروشات والأثاث، إضافة إلى المعدات الثقيلة.
نقص المعروض من العملة الأجنبية وتوترات المنطقة
وقال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، إن سعر صرف الجنيه تأثر سلبًا بنقص المعروض من العملة الأجنبية. وأوضح أن التوترات الإقليمية الناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي ألقت بظلالها السلبية على العملة المحلية.
وأضاف أن مصر من المتوقع أن تستقبل تدفقات نقدية أجنبية في الفترة المقبلة، مدفوعة بتوجهات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نحو خفض سعر الفائدة، مما قد يسهم في استقرار سعر الجنيه دون حاجز الـ50 جنيهًا، ويشجع المستثمرين الأجانب على العودة إلى الأسواق الناشئة.
زيادة الطلب وتحديات الاقتصاد العالمي
من جانبه، قال الخبير المصرفي محمد سيد، إن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري إلى أعلى مستوياته، متجاوزًا حاجز 49 جنيهًا، يعدّ تطورًا متوقعًا، نتيجة تزايد الطلب على الدولار من قبل المستوردين لتلبية احتياجات السوق المحلي، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء الذي يرفع الطلب على السلع المستوردة.
وأوضح أن خروج بعض المستثمرين الأجانب من أذون الخزانة المصرية، واستمرار تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة التي تؤثر على أسواق الأسهم العالمية، بما فيها مصر، إضافة إلى العجز المستمر في الميزان التجاري، كلها عوامل تضغط على احتياطيات النقد الأجنبي. كما تحتاج مصر إلى سداد ديون خارجية مرتفعة خلال الأشهر المقبلة، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار.
التضخم وتراجع الاحتياطي الأجنبي
وهناك العديد من العوامل المؤثرة على سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، من بينها معدل التضخم، وحجم العجز في الميزان التجاري، وارتفاع تكاليف الاستيراد. ومع ذلك، يبقى العامل الحاسم هو تراجع الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي.
وفي ظل التوترات الجيوسياسية في المنطقة، شهدت الاستثمارات الأجنبية المتدفقة تقلبات ملحوظة، مما زاد من الضغط على سعر الصرف.
ضغوط الديون وعائد أذون الخزانة يدفعان الدولار نحو حاجز 55 جنيهًا
تشير بيانات البنك المركزي، إلى أن مصر ستواجه التزامات خارجية، تشمل فوائد وأقساط ديون، تتجاوز 38 مليار دولار خلال العام المالي الجاري، مما يزيد من الطلب على الدولار ويضع ضغوطًا إضافية على الجنيه المصري.
وتجاوز العائد على أذون الخزانة 29%، ومن المتوقع أن يصل سعر الدولار إلى حاجز 55 جنيهًا. ويُتوقع انخفاض قيمة الجنيه تدريجيًا أمام الدولار بمعدل ثابت كل 15 يومًا خلال الأشهر الستة القادمة، مدفوعًا بزيادة الطلب على الدولار لأغراض الاستيراد وسداد الديون الخارجية، مما قد يعزز استمرار ارتفاع سعر الدولار خلال الأسابيع المقبلة.
كان البنك المركزي المصري قد رفع خلال الأسبوع الأول من مارس الماضي، سعر الفائدة بنحو 600 نقطة أساس دفعة واحدة، وسمح بتحريك سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية وفقًا لآلية العرض والطلب، ما أسهم في استقرار العملة والقضاء على السوق الموازية للدولار.