Bloom Gate -بوابة بلوم
Herms2024

في ظل الأزمة الحالية.. هل يستطيع العالم الاستغناء عن النفط؟

كتب: محمد عوض

قد يكون العالم أقل اعتمادًا على النفط الآن مما كان عليه خلال صدمات الطاقة في السبعينيات، لكن الصراع في أوكرانيا دليل صارخ على أن الذهب الأسود لا يزال قادرا على تعطيل الاقتصادات وإرباك صانعي السياسات وإثارة الصراع السياسي، وفق ما ذكرت منصة إنرجي وورلد.

اضطراب الأسواق العالمية

تسببت حرب أكتوبر عام 1973 في فرض حظر نفطي من قبل الدول العربية على الغرب، وهو ما أدى إلى اضطراب في الأسواق العالمية ودفع التضخم إلى رقم مزدوج

في وقتها، شكل النفط ما يقرب من نصف مزيج الطاقة العالمي، وهو رقم انخفض منذ ذلك الحين إلى حوالي الثلث.

جاء هذا التحول مع تركيز الدول الغنية بشكل أكبر على الخدمات، وأصبحت المصانع أكثر كفاءة وتحول توليد الكهرباء بعيدًا عن استخدام النفط إلى الفحم والغاز الطبيعي بدلاً من ذلك.

النمو الاقتصادي

وجدت دراسة أجرتها جامعة كولومبيا العام الماضي أن نفس النمو الاقتصادي الذي كان يتطلب قبل نصف قرن من الزمن برميلًا واحدًا من النفط يمكن تحقيقه الآن بأقل من نصف برميل.

حتى أن بعض المحللين توقعوا في السنوات الأخيرة أن الاقتصاد العالمي قد يتعرض لصدمات نفطية مستقبلية.

تداعيات كورونا

وأشار آخرون إلى أن عمليات الإغلاق التي واكبت فيروس كورونا خلال العامين الماضيين كانت دليل على أن الاقتصاد يمكن – وإن كان بشكل مختلف – أن يعمل مع انخفاض استهلاك النفط بشكل كبير.

لكن العودة الصاخبة للطلب على النفط في عام 2021 والارتفاع الحاد في أسعار النفط الناجم عن الصراع في أوكرانيا سلط الضوء مرة أخرى على حجم الجهد المطلوب لفطم الاقتصاد العالمي من النفط، الذي يشغل مختلف المحركات في العالم على مدى عقود.

قال آلان جيلدر ، المدير في شركة وود ماكينزي الاستشارية: إن تغيير الطلب على النفط أمر صعب على المدى القصير لأنه يتطلب تريليونات الدولارات لاستبدال البنية التحتية القديمة التي تشغل المركبات والمعدات.

وذكر: الاستثمار ضروري لتقليل الارتباط بين النشاط الاقتصادي والطلب على النفط.

صعود في أسعار النفط

دفعت أحدث موجة صعود في أسعار النفط – التي ارتفعت بنسبة 50٪ منذ بداية العام – الآمال التي عززتها البنوك المركزية في العالم العام الماضي بأن التضخم الذي أذكته حزم التحفيز في حقبة الوباء سيكون مؤقتًا.

قالت إنرجي وورلد، أن ما يحدث في الآونة الحالية ، أوضح تمامًا مدى عمق تغلغل النفط في الآليات الداخلية للاقتصاد العالمي.

BloomGif

تقود الولايات المتحدة العالم اليوم بشكل أقل مما كان سابقا.

وذكرت المنصة أنه رغم انخفاض العالم على النفط عما كان قبل عقود إلا أن لايزال محرما وداخل في صناعات عدة، من البتروكيماويات المستخدمة في البلاستيك أو أسمدة المحاصيل إلى الوقود ولشحن البضائع حول العالم، وهو ما يقول أن مشتقات النفط لاتزال تشكل جزءًا كبيرًا من استخدامات اليوم، وأن ارتفاع الأسعار للمادة الخام، تعني تحمل المستهلكين لأعباء أكبر مقابل جميع أنواع السلع الأساسية.

تتسابق الدول المستوردة للنفط في أوروبا لتقديم حسومات على الوقود لسائقي السيارات وامتيازات أخرى، مع مراعاة كيف يمكن أن ينتقل غضبهم إلى احتجاج أوسع – كما حدث مع حركة السترات الصفراء في فرنسا في عام 2018.

تضرر دول آسيا

كما تضررت بشدة آسيا، باعتبارها المنطقة التي لا تتمتع بأكبر طلب عالمي على النفط فحسب، بل تتميز أيضًا بأسرع نمو في الطلب عليه.

فاليابان وكوريا الجنوبية من بين أولئك الذين يرفعون دعم الوقود لتعويض ارتفاع الأسعار.

وحول ذلك، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم بأول، أنه من الواضح أن البلاد أكثر قدرة على تحمل صدمة نفطية الآن مما كانت عليه في السبعينيات.

لكن هذا لم يمنعه من الإشارة إلى أثر النفط على المنتجات والأسعار، وحدوث أقوى حركة تضخم في أميركا والعالم، ما يقول بضرورة تحرك، البنوك المركزية بقوة أكبر للحفاظ على الأسعار من الارتفاع أكثر، الدخول في موجة من الغلاء المستمر.

ولفتت إنريجي وورلد، إلى أنه إذا استغرق الأمر خمسة عقود حتى تنخفض حصة النفط في مزيج الطاقة العالمي من 45٪ إلى31٪، فسيظل السؤال مفتوحًا عن مدى سرعة العالم – الآن مع هدفه المعلن المتمثل في خفض الاعتماد على الكربون – إلى مزيد من خفض الاعتماد على المادة الخام.

البحث عن بدائل

من المتوقع أن يتسبب تقليل الاعتماد على النفط فيما يخص تشغيل المركبات إلى بدائل أخرى خلال العقد المقبل إلى حدوث نقطة تحول في الطلب العالمي على النفط، مما يؤدي إلى انخفاض الاعتماد عليه في آخر الأمر.

ولفتت المنصة إلى أن المركبات هي الأكثر استخدامًا للنفط، حيث تستهلك حوالي ربع النفط المستخدم في جميع أنحاء العالم.

قال مستشار الطاقة ،سيفير ألفيك ، مدير برنامج تحويل الطاقة في شركة DNV كثافة النفط ستنخفض من الآن فصاعدًا بشكل أسرع، حيث سيبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته في غضون السنوات القليلة المقبلة، ثم يتراجع بعد ذلك، بينما سيستمر الناتج المحلي الإجمالي في النمو. ولفت إلى أن السيارات الكهربائية سيصل استخدامها إلى نحو 50٪ ، ما يعني أنها ستشكل نفس النسبة من مبيعات سيارات الركاب الجديدة خلال 10 سنوات.

وأردفت المنصة إلى أن الطلب المتزايد على النفط في آسيا، بالإضافة إلى حقيقة أن القطاعات الرئيسية مثل الشحن والطيران والبتروكيماويات متأخرة كثيرًا عن قطاع السيارات في التحول إلى الوقود البديل، يعني أن مناطق كبيرة من الطلب على النفط ستستمر بقوة.

وخلص محللو وكالة الطاقة الدولية في مذكرة صدرت عام 2019 توقعاتنا تشير إلى أن الاعتماد على النفط، وخاصة النفط المستورد، من غير المرجح أن يختفي بسرعة.

تشير مثل هذه التوقعات إلى أنه ، حتى في أفضل السيناريوهات، فإن انتقال العالم من النفط ومصادر الوقود الأحفوري الأخرى سيشكل تحديات جديدة للمستهلكين وصناع السياسات على حدٍ سواء.

الرابط المختصر
لمتابعتنا عبر تطبيق نبض اضغط هنا
Bloom and Nabd
آخر الأخبار